الكركر (١) فنهض إليه والتقيا بالقرب من قنطرة [سنجة](٢) فكسره وأسره ، وحصل في يده أسيرا (١١٤ و) مع جماعة من وجوه عسكره ، فاعتقله في جب في قلعة خرتبرت مع جوسلين ومقدمي الأفرنج.
وفي آخر صفر نهض ظهير الدين أتابك في العسكر ، فهجم ربض حمص ونهبه وأحرقه ، وبعض دوره ، وكان طغان أرسلان بن حسام الدولة قد وصل إلى حمص لمعونة خيرخان صاحبها ، فعاد ظهير الدين عنها إلى دمشق.
وورد الخبر من ناحية حلب بنزول الأمير بلك بن أرتق عليها في ربيع الأول منها ، وأحرق زرعها ، وضايقها إلى أن تسلمها بالأمان في يوم الثلاثاء غرة جمادى الأولى ، من بدر الدولة ابن عمه عبد الجبار (٣) ابن أرتق وقد كان قبل ذلك تسلم مدينة حران في شهر ربيع الأول.
وفيها وردت الأخبار بوصول فريق كثير من عسكر لواتة (٤) من ناحية الغرب إلى مصر ، وأفسدوا في أعمالها ، وظهر إليهم المأمون أبو عبد الله بن البطائحي ، المقام في مقام الأفضل الشهيد بن أمير الجيوش ، في عسكر مصر بأمر صاحبه الإمام الآمر بأحكام الله بن المستعلي بالله ، ولقيهم فكسرهم ، وقتل وأسر منهم خلقا كثيرا ، وقرر عليهم خرجا معلوما يقومون به في كل سنة ، وعادوا إلى أماكنهم ، وعاد المأمون إلى مصر غانما منصورا ، وبحسن الظفر مسرورا.
__________________
(١) كركر حصن بين سميسباط وحصن زياد ـ خرتبرت أو خربوط. معجم البلدان.
(٢) في الأصل «بالقرب من منظرة» وقد ألم بالجملة سقط وتصحيف ، استدرك ذلك من زبدة الحلب : ٢ / ٢١١. حيث جاء فيه «بالقرب من قنطرة سنجة» وفي معجم البلدان : سنجة : نهر عظيم لا يتهيأ خوضه لأن قراره رمل سيال كلما وطئه الإنسان برجله سال به فغرقه ، وهو يجري بين حصن منصور وكيسوم وهما من ديار مضر ، وعلى هذا النهر قنطرة عظيمة هي إحدى عجائب الدنيا ، وهي طاق واحد من الشط إلى الشط.
(٣) في الأصل : إيل غازي وهو وهم. انظر الحاشية ـ ١ ـ في الصفحة الماضية.
(٤) من كبريات قبائل البربر في المغرب ، وثورة لواته كانت بالصعيد الأدنى. انظر اتعاظ الحنفا : ٢ / ٩٧.