والحيانية مضافا إلى ما في يده ، ومن هذه الأعمال التي يليها في أيدي العرب من آل جراح ، وكتب بينهما هذا الشرط ، ورحل كل منهما منكفئا إلى عمله في آخر ذي الحجة منها.
وقد كان الأمر تقرر مع السلطان غياث الدنيا والدين على إنهاض العساكر عقيب تلك الاستغاثة المقدم شرحها ببغداد ، والتقدم إلى الأمراء بالتأهب للمسير إلى الجهاد ، فتأهبوا لذلك ، وكان أول من نهض منهم إلى أعمال الأفرنج الأمير الاسفهسلار شرف الدين مودود ، صاحب الموصل ، في عسكره إلى شبختان (١) ، فافتتح تل قراد (٢) وعدة حصون هناك بالسيف والأمان ووصل إليه الأمير أحمديل (٣) في عسكر كثيف الجمع ، وكذلك تلاه الأمير قطب الدين سكمان القطبي من بلاد أرمينية وديار بكر ، فاجتمعوا في أرض حران ، وكتب إليهم سلطان بن علي بن منقذ صاحب شيزر يعلمهم نزول طنكري صاحب أنطاكية أرض شيزر ، وشروعه في بناء تل ابن معشر في مقابلة شيزر ، وحمل الغلال إليه ، ويستصرخهم ويبعثهم على الوصول إلى جهته ، فحين عرفوا ذاك رحلوا إلى الشام ، وقطعوا الفرات في النصف من المحرم سنة خمس وخمسمائة ، ونزلوا على تل باشر في التاسع عشر من المحرم ، وأقاموا عليه منتظرين وصول الأمير برسق بن برسق صاحب همذان ، وكان قد أمر من السلطان بالتقدم عليهم ، فوصل إليهم في بعض عسكره ، وبه مرض من علة النقرس ، وسكمان القطبي أيضا مريض ، والآراء بينهما مختلفة ، وقاتل
__________________
(١) في الأصل سنجتان ، وقد ضبطه أمدروز / سنجتان / ولم أجد لهذا الموقع من ذكر في المصادر الجغرافية ووجدت في الباهر لابن الأثير : ١٧ «شبختان» حيث قال : «فما بلغني منها أن الأمير مودودا سار إلى الغزاة بالشام ، ففتح في طريقه قلاعا من شبختان كانت للفرنج» وشبختان كما يستنتج من ياقوت هي في بلاد الأرمن في ديار ربيعة. انظر زبدة الحليب : ٢ / ١٥٨.
(٢) في الأصل : «تل مراد» وهو تصحيف صوابه ما أثبتنا ففي معجم البلدان : تل قراد : حصن مشهور في بلاد الأرمن من نواحي شبختان.
(٣) أحمديل الكردي صاحب مراغة أعظم بلاد أذربيجان وأشهرها ، ترجم له ابن العديم في بغية الطلب. انظر كتابي : مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٥٤.