وفي هذه السنة نهض
ظهير الدين أتابك في العسكر إلى بصرى لمشاهدتها عند تسلمها من أيدي المقيمين بها
عند انقضاء الأجل المضروب لها ، وكان قد خلع على كافة الأمراء والمقدمين وأماثل
العسكر الخلع المكملة من الثياب والخيول والمراكب ، بحيث تضاعف الثناء عليه (٨٢ و)
والاعتراف بأياديه ، وشاع الخبر بذاك ، وتضاعفت رغبة الأجناد في خدمته ، والميل
إلى طاعته والحصول في جملته ، فلما حصل على بصرى ، (اقطع المقيمن بها ) اقطاعا يكفيها ورجالها وأجابهما إلى ذلك ، ووفى لهما بما
قرره معهما حسب ما تقدم به الشرح.
سنة خمسمائة
فيها تزايد فساد
الأفرنج في أعمال السواد وحوران وجبل عوف ، وانتهت الأخبار بذلك وشكا أهلها إلى
ظهير الدين أتابك فجمع العسكر ، ومن انضاف إليه من التركمان ، ونهض بهم وخيم في
السواد ، وكان الأمير عز الملك الوالي بصور قد نهض منها في عسكره إلى حصن تبنين من عمل الأفرنج ، فهجم ربضه ، وقتل من كان فيه ونهب وغنم ،
واتصل الخبر ببغدوين ملك الأفرنج ، فنهض إليه من طبرية ، ونهض أتابك إلى حصن
بالقرب من طبرية فيه جماعة من فرسان الأفرنجية ، فقاتله وملكه ، وقتل من كان فيه
وانكفأ إلى المدان وعاد الأفرنج إليه ، فلما قربوا منه اندفع العسكر إلى
ناحية زرا ، وتلاقت طلائع الفريقين وعزموا على المصاف والالتقاء ،
وقد قويت نفوس المسلمين ، فلما كان من غد ذلك اليوم ، ركب العسكر ، وقد تأهب للقاء
__________________