وأحس بهم لقيهم فوثب إليه بعضهم فطعنه في جوفه فرمى بنفسه في القلة يريد بعض دور أولاده (١) فطعنه آخر طعنة ثانية فعاش ساعة ومات ، وصاح الصائح على القلة ، و [حين] نادوا بشعار الملك رضوان نجا أولاده وخاصته من (٢) السور ، وملكوا عليهم الموضع وقتلوا من قتلوا ، وسلم ولده مصبح بن خلف بن ملاعب ، وتوجه إلى شيزر ، وأقام هناك مدة ، فأطلق منها.
ووصل طنكري إلى أفامية عقيب هذه الكائنة طامعا فيها ، ومعه أخ كان لابن القنج الداعي السرميني كان مأسورا في يده ، فقرر له شيئا دفعه إليه ، فرحل عنه.
وفي هذه السنة وصل قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش ، في عسكر كثير ، وقصد الرها ، ونزل قريبا منها ، فأنفذ أصحاب جكرمش المقيمون بحران يستدعونه لتسليمها إليه ، فوصل إليهم وتسلمها منهم ، واستبشر الناس بوصوله إلى الجهاد ، وأقام أياما ومرض مرضا أوجب له العود إلى ملطية ، وأقام أصحابه بحران.
وورد الخبر بأن مصبح بن ملاعب الذي أفلت من نوبة أفامية التجأ إلى طنكري صاحب أنطاكية ، وحرضه على العود إلى أفامية ، وأطمعه في أخذها لقلة القوت بها ، فنهض إليها ، ونزل عليها ، وضايقها إلى أن تسلمها بالأمان في الثالث عشر من المحرم سنة خمسمائة ، فلما حصل ابن القنج السرميني الباطني في يده قتله بالعقوبة ، وحمل أبا طاهر الصائغ معه وأصحابه أسرى ، ولم يف لهم بما بذل من الأمان ، وكان القوت قد نفد من أفامية ، ولم تزل الأسرى في يده إلى أن فدوا نفوسهم بمال بذلوه له فأطلقهم ووصلوا إلى حلب.
__________________
(١) في الأصل «أهله ده» وهي مصحفة صوابها ما أثبتنا من بغية الطلب لابن العديم حيث الرواية نفسها.
(٢) في الأصل : «فجاء أولاده وصاحبه من السور» وفي العبارة سقط وتصحيف وتم تقويم ذلك من رواية ابن العديم.