على تلك النية وزحفوا إلى موضع مخيمهم ، فصادفوهم وقد رحلوا عائدين إلى طبرية ، ثم منها إلى عكا ، فعاد ظهير الدين عند ذلك في العسكر إلى دمشق.
وكانت الأخبار متناصرة في هذه السنة باهتمام السلطان غياث الدنيا والدين محمد بن ملك شاه بمحاصرة قلعة الباطنية المعروفة بشاه دز المجاورة لأصفهان ، والجد في افتتاحها ، وحسم أسباب الفساد المتوجه على البلاد من المقيمين بها ، وتوجه إليها (١) في عساكره الدثرة المتناهية في القوة والكثرة ، ولم يزل منازلها ومضايقها ، إلى أن منحه الله تعالى افتتاحها والاظهار على من فيها ، وملكها بالسيف قهرا ، وقتل من كان فيها من الباطنية قسرا ، وهدمها وأراح العالم من الشر المتصل منها ، والبلاء المبثوث من أهلها (٢) ، وأنشأ كتاب الفتح بوصف الحال فيها إلى سائر أعمال المملكة ليقرأ على (٨٢ ظ) المنابر ويستنزل في معرفة كل باد وحاضر أمير الكتاب أبو نصر بن عمر الأصفهاني ، كاتب السلطان ، وبلاغته في الكتابة معروفة مذكورة ، وفصاحته في إنشائه موصوفة مشهورة ، وذكرت مضمونه في هذا الموضع ، ليعلم من يقف عليه شرح حال هذه القلعة ، وما من الله به على أهل تلك البلاد من الراحة من شر أهلها ، وأذية المقيمين بها ونسخته بعد العنوان والطغراء :
بسم الله الرحمن الرحيم
وهو [إلى] الوزير الأجل مجد الدين شرف الاسلام ظهير الدولة زعيم الملة بهاء الأمة فخر الوزراء أبو المعالي هبة الله بن محمد بن المطلب رضي أمير المؤمنين.
__________________
(١) في الأصل «عنها» وما أثبتناه أقوم.
(٢) بنى هذه القلعة السلطان ملكشاه ، وقد استولى عليها فيما بعد الزعيم الاسماعيلي أحمد بن عبد الملك بن عطاش ، وقد تحدث سبط ابن الجوزي في أخبار سنة ـ ٥٠٠ ـ عن سقوطها للسلطان محمد بعد حصار دام سنة.