منها ، ووفى لهما بما وعدهما من الأمان والاقطاع ، وزاد على ذلك ، وأقاما عليه مدة أيامه.
سنة تسع وتسعين وأربعمائة
فيها خرج الأفرنج إلى سواد طبرية وشرعوا في عمارة حصن علعال (١) فيما بين السواد والبثنية ، وكان من الحصون الموصوفة بالمنعة والحصانة ، فلما عرف ظهير الدين أتابك هذا العزم منهم ، أشفق من إتمام الأمر فيه ، فيصعب تدارك الأمر وتلافيه ، فنهض في العسكر ، وقصدهم وهم على غفلة مما دهمهم ، فأوقع بهم ، وقتلهم بأسرهم ، وملك الحصن بما فيه من آلاتهم وكراعهم وأثاثهم ، وعاد إلى دمشق برؤوسهم وأسرائهم وغنائمهم ، وهي على غاية الكثرة ، في يوم الأحد النصف من شهر ربيع الآخر.
وفي هذا الشهر ظهر في السماء من الغرب كوكب له ذؤابة ، كقوس قزح ، أخذ من المغرب إلى وسط السماء ، وقد كان رؤي قريبا من الشمس نهارا قبل ظهوره في الليل ، وأقام عدة ليال وغاب.
وفي السادس والعشرين من جمادى الأولى ورد الخبر بقتل خلف بن ملاعب ، صاحب أفامية قتله قوم من الباطنية نفذهم إليه المعروف بأبي طاهر الصائغ العجمي ، من حلب ، وهو الذي قام للباطنية مقام الحكيم المنجم الباطني ، بعد هلاكه ، بموافقة رجل (٨١ ظ) من دعاتهم يعرف بابن القنج (٢) السرميني ، كان مقيما بأفامية ، وقد قرر ذلك مع أهلها ، فنقبوا نقبا في السور حتى تمكنوا من الوصول إليه ، فلما قربوا منه ،
__________________
(١) يعرف هذا الموقع الآن باسم «العال» وهو واقع في محافظة القنيطرة ، منطقة فيق ، ويبعد عن فيق مسافة / ٧ كم / وعن القنيطرة / ٤٩ كم /. انظر التقسيمات الادارية في الجمهورية العربية السورية. ط. دمشق ١٩٦٨ : ٤٠.
(٢) في الأصل «بأبي الفتح» وهي مصحفة صوابها ما أثبتنا ، وذلك عن خط ابن العديم في كتابه بغية الطلب في ترجمته لابن ملاعب. مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٨٤.