الخلق الكثير ، وقفل من سلم إلى دمشق وحمص بعد فقد من (٧٦ ظ) فقد منهم ، ووصلوا في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة.
وفيها وردت الأخبار من ناحية مصر بوفاة المستعلي بالله أمير المؤمنين ابن المستنصر بالله صاحب مصر ، في صفر منها ، وعمره سبع وعشرون سنة ، ومولده سنة ثمان وستين وأربعمائة ، وكانت مدة أيامه سبع سنين وشهرين ، ونقش خاتمه «الإمام المستعلي بالله أمير المؤمنين» ، وكان حسن الطريقة ، جميل السيرة في كافة الأجناد والعسكرية ، وسائر الرعية ، لازما قصره كعادة أبيه المستنصر بالله منكفيا بالافضل سيف الاسلام ابن أمير الجيوش ، فيما يريده ، بأصالة رأيه وصواب تقديره وامضائه ، وقام في الأمر بعده ولده أبو علي المنصور بن المستعلي بالله أبي القاسم أحمد ، وأخذ له البيعة على الأجناد والأمراء ، وكافة الرعايا والخدم والأولياء ، الأفضل السيد أبو القاسم شاهنشاه ابن أمير الجيوش ، وأجلسه في منصب أبيه عقيب وفاته ، ولقب بالآمر بأحكام الله ، واستقام له الأمر بحسن تدبير الأفضل ، وانتظمت به الأحوال على غاية المباغي والآمال.
وفي هذه السنة خرجت العساكر المصرية من مصر ، لإنجاد ولاة الساحل في الثغور الباقية في أيديهم منها على منازليهم من أحزاب الأفرنج ، ووصلت إلى عسقلان في رجب ، ولما عرف بغدوين قمص بيت المقدس وصولهم ، نهض نحوهم في جمعه من الأفرنج في تقدير سبعمائة فارس وراجل ، اختارهم ، فهجم بهم على العسكر المصري ، فنصره الله على حزبه المفلول ، وقتلوا أكثر خيله ورجالته ، وانهزم إلى الرملة في ثلاثة نفر ، وتبعوه وأحاطوا به ، فتنكر وخرج في غفلة منهم ، وقصد يافا ، وأفلت منهم ، فكان قد اختفى في أجمة قصب حين تبع ، وأحرقت تلك الأجمة ، ولحقت النار بعض جسده ونجا منها ، وحصل بيافا ، فأوقع السيف في أصحابه وقتل وأسر من ظفر به في الرملة من رجاله وأبطاله ، وحملوا إلى مصر في آخر رجب من السنة.