منهم لم يوبه لهم ، وكسروا باب البلد ، ونادوا بشعار تاج الدولة ، فدخل الأمير وثاب بن محمود بن صالح البلد في مقدمته ، وبادر الوالي (١) المقيم بقلعة الشريف التي قبلي حلب ، بالظهور إلى تاج الدولة ، ومن باب منها دخل تاج الدولة ، ونزل إليه رسول الأمير نوح صاحب (٦٩ ظ) قلعة حلب وزوجته ، وتوثقا منه وأخذا الأمان له من تاج الدولة ، وعادا إليه وأعلماه بما كان من تقرير الحال ، وأخذ الأمان ، فسلمها إليه ، وحصل بها في يوم الاثنين الحادي عشر من جمادى الأولى ، وسلمت جميع الحصون إليه من الشام ، وكان بزان صاحب الرها في جملة من أسر في الوقعة ، فتقدم تاج الدولة بقتله ، فضربت عنقه صبرا ، وكذلك الأمير كربوقا صاحب الموصل ، كان قد أسر في الوقعة فاعتقل بحلب إلى أن تقرر أمر حلب ورتبت النواب والمستحفظون فيها وقرر أمره.
ورحل السلطان تاج الدولة عن حلب في العسكر إلى ناحية الفرات ، وقطعه وقصد حران فاستعادها ، وكذلك سروج والرها ، وقصد ديار بكر ، وعدل عن طريق السلطان بركيارق ، لأنه كان نازلا بأرض الموصل ، طالبا لخاتون زوج السلطان ملك شاه والدة أخيه محمود ، وكانت مستولية على أصفهان وجميع الأموال ، لمكاتبات ومراسلات ترددت بينهما في معنى الوصلة بينها وبينه ، واستقر الملك له ولها ، وكانت قد منعت السلطان بركيارق التصرف في تلك الأعمال والتقود بها.
في هذا الوقت حدثت زلازل في يوم وليلة دفعات لم يسمع بمثلها ، في كل زلزلة منها تقيم وتطول بخلاف ما جرت بمثله العادة.
ورحل تاج الدولة عقيب ذلك ، ولم يتمكن من الاتمام على سمته ، وعرفت خاتون الخبر ، فخرجت من أصفهان في عسكرها للقاء تاج الدولة ، فعرض لها في طريقها مرض حاد ، فتوفيت وتفرق عسكرها إلى
__________________
(١) في الأصل : «وبادر إلى المقيم» وإلى إما زائدة ، وإما ـ كما رجحت ـ جزء من كلمة ، ففي زبدة الحلب : ٢ / ١١٧ «ودخل وثاب بن محمود في مقدمة أصحاب تاج الدولة إلى حلب ، وسكن البلد ، فنزل الوالي بقلعة الشريف ، وسلمها إلى تاج الدولة فدخلها».