جهة السلطان بركيارق وإلى غيره ، وحين عرف بركيارق ذاك سار في الحال إلى أصفهان ، فدخلها وملكها ، وقد كان أهلها أشرفوا على الهلاك لفرط الغلاء بها وعدم الأقوات فيها ، ووصل من عسكر خاتون إلى تاج الدولة خلق كثير ، وكذلك من عسكر بركيارق ، فتضاعفت عدته ، وقويت شوكته ودعي له على منابر بغداد ، ووصل إلى همذان ، وكاتب ولده فخر الملوك رضوان بدمشق يأمره بالمسير إليه في من بقي من الأجناد في الشام ، فسار إلى حلب ، ومن حلب إلى العراق ، ومعه الأمير نجم الدين ايل غازي بن أرتق ، والأمير وثاب بن محمود بن صالح ، وجماعة من أمراء العرب وأتراك حلب القسيمية (١) ، وتوجه صوب بغداد على الرحبة في أول سنة سبع وثمانين وأربعمائة.
وفي هذه (٧٠ و) السنة وردت الأخبار من ناحية مصر بمرض أمير الجيوش بدر ، المستولي على أمرها ، وأنه أسكت في مرضه هذا ، ودام به إلى أن اشتد في جمادى الأولى منها ، وتوفي في العشر الأول منه ، وقد كان الأمر تمهد لولده الأفضل ، واستقامت حاله مع المقدمين وسائر الأجناد والعساكرية قبل وفاته ، وأطاعوا أمره ، وعملوا برأيه ، وقيل أن وفاة أمير الجيوش كانت في جمادى الأولى.
وفي هذه السنة أيضا وردت الأخبار من ناحية مصر بمرض الامام المستنصر بالله أمير المؤمنين في العشر الثاني من ذي الحجة ، وإن المرض اشتد به ، وتوفي إلى رحمة الله في ليلة عيد الغدير ، الثامن عشر من ذي الحجة سنة سبع وثمانين وأربعمائة (٢) ، وعمره سبع وستون سنة وستة
__________________
(١) نسبة إلى قسيم الدولة آق سنقر.
(٢) تذكر مختلف المصادر أن المستنصر أوصى بالامامة من بعده لابنه نزار ، ذلك أنه كان أكبر أولاده ، ولم ينفذ الأفضل أمير الجيوش وصية المستنصر ، واختار المستعلي ، لأنه كان ضعيفا وبلا سند ، وزوجه أخته ، وفرضه إماما ، وأدى هذا إلى فرار نزار إلى الاسكندرية حيث حورب وقضي عليه ، والأهم من ذلك أن اسماعيلية ايران وغالبية الشام وأراضي المشرق رفضوا الاعتراف بإمامة المستعلي ، مما أدى إلى انشطار الدعوة الاسماعيلية إلى : نزارية ومستعلية ، وعرف النزارية فيما بعد باسم الحشيشية ، أو اتباع الدعوة الاسماعيلية الجديدة التي أسسها حسن الصباح. انظر الدعوة الاسماعيلية الجديدة : ٤٨ ـ ٥٠ ، ٦٤.