السلطان (٦٨ ظ) تاج الدولة بعد العقد له بولايته ، وتأكيد خطابه بحمايتهم ووصيته ، فلما وصلوا وقصدوا مناسكهم وفروض حجهم ، تلوموا عن الانكفاء أياما خوفا من أمير الحرم ابن أبي شيبة (١) إذ لم يصل إليه من جهتهم ما يرضيه ، فلما رحلوا من مكة تبعهم في رجاله ، ونهبهم قريبا من مكة ، فعادوا إلى مكة ، وشكوا إليه وتضوروا لديه مما نزل بهم مع بعد دارهم ، فرد عليهم البعض من جمالهم ، وقتل في الوقعة أخو الأمير الخاني المقدم ، فلما أيسوا من رد المأخوذ لهم ساروا من مكة عائدين على أقبح صفة ، فحين بعدوا عنها ظهر عليهم قوم من العرب من عدة جهات ، فأحاطوا بهم فصانعوهم على ما دفعوه إليهم ، هذا بعد أن قتل من الحجاج جماعة وافرة ، وهلك قوم بالضعف والانقطاع ، وجرى عليهم من العرب المكروه ، وعاد السالم منهم على أقبح حال ، وأكسف بال.
وفيها توفي الإمام أبو الفرج عبد الواحد بن محمد بن الحنبلي رحمهالله ، في يوم الأحد الثامن والعشرين من ذي الحجة بدمشق ، وكان وافر العلم متين الدين حسن الوعظ ، محمود السمت (٢).
سنة سبع وثمانين وأربعمائة
في هذه السنة ورد الخبر من العراق بوفاة الخليفة الإمام المقتدي بأمر الله ، أبي القاسم عبد الله بن الذخيرة بن القائم بأمر الله ، أمير المؤمنين ، فجأة في ليلة السبت انتصاف المحرم ، وعمره ثمان وثلاثون سنة وتسعة أشهر وأيام ، مولدة يوم الأربعاء الثاني ، ويقال الثامن من جمادى الأولى ستة ثمان وأربعين وأربعمائة ، وكانت مدة خلافته تسع
__________________
(١) كان شريف مكة هو الأمير تاج المعالي محمد بن جعفر ، هاشمي من بني موسى الجون ، حسني علوي ، قيل بأنه مات سنة ٤٨٧. انظر عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ، لأحمد بن علي الداودي. ط. بيروت دار الحياة : ١١١ ـ ١١٢.
(٢) ترجم له سبط ابن الجوزي في وفيات سنة / ٤٨٦ / وقال أنه هو الذي نشر المذهب الحنبلي في دمشق ، ودفن بالباب الصغير.