عليهم ، ولقبه سعد الدولة ، فوصل قسيم الدولة إلى حلب في شوال سنة ست وثمانين وأربعمائة ومعه جماعة من بني عقيل ، وبعض عسكر السلطان بركيارق بحيث وصل إلى حلب ، وانتهى الخبر بذاك إلى تاج الدولة ، فنهض في العسكر من ناحية الرحبة إلى الفرات ، وقصد بلد أنطاكية وأقام بها ، وورد عليه الخبر بانكفاء السلطان من الرحبة إلى بغداد ، وأن عزمه أن يشتو بها ، وأقام تاج الدولة بأنطاكية مدة فقلت الأقوات وارتفعت الأسعار ، وخوطب في العود إلى الشام ، فلم يفعل ، وعاد إلى دمشق آخر ذي الحجة من السنة ، وفي جملته الأمير وثاب بن محمود بن صالح وبنو كامل وجماعة من العرب لم يجسروا على الإقامة بالشام خوفا من قسيم الدولة صاحب حلب.
وفي هذه السنة خرج من مصر عسكر كبير إلى ثغر صور لما عصى واليها الأمير منير الدولة الجيوشي ، وقد كان أهل صور أنكروا عصيانه ، وكرهوا خلفه لسلطانه أمير الجيوش بدر ، وعرف ذلك من نياتهم ، فحين اشتد القتال عليها نادوا بشعار المستنصر بالله وأمير الجيوش ، فهجم العسكر المصري على البلد ، ولم يدافع عنه مدافع ، ولا مانع دونه ممانع ، ونهب وأسر الخلق الكثير ، وأخذ في الجملة منير الدولة الوالي وخواصه وأجناده وحملوا إلى مصر في يوم الرابع عشر من جمادى (١) سنة ست وثمانين وأربعمائة وقطع على أهل البلد ستون ألف دينار أجحفت بأحوالهم ، واستغرقت جل أموالهم ، ولما وصل الوالي منير الدولة ومن معه من أجناده وأصحابه ، تقدم أمير الجيوش بضرب أعناقهم ففعل ذلك ، ولم يعف عن واحد منهم.
وفي هذه السنة وردت الأخبار من العراق بابطال مسير الحاج لأسباب دعت إلى ذاك ، والخوف عليهم في مسيرهم ، وسار الحاج من دمشق والشام في هذه السنة صحبة الأمير الخاني أحد مقدمي أتراك
__________________
(١) لم يبين أي الجمادين الأولى أم الثانية؟