السيف ، فعند ذاك شهر سيفه عند دخوله إليها ، وأغمده عند استقرار أمرها ، ووفى بنذره ، ورحل عنها بعد أن قرر أمرها ، ورتب المستحفظين من قبله فيها قاصدا ناحية (٦٧ و) نصيبين.
وقد كان بعد وفاة السلطان ملك شاه قد رجع إبراهيم بن قريش إلى بلاده ، وتسلم الموصل وأعمالها ، وجمع العرب الأكراد ونزل في بلاد بني عقيل الموصل وما والاها ، وغلب ولد أخيه شرف الدولة محمدا ، وأبعده عن الولاية ، ولما وصل تاج الدولة إلى نصيبين وصل إليه الأمير بوزان صاحب الرها ، وخرج إليه والي نصيبين يبذل الطاعة له والمناصحة في الخدمة ، فامتنع أهل البلد من الجند الذين بها من أصحاب إبراهيم بن قريش ، فقاتلها وهدم بعض سورها ، وملكها بالسيف ، وقتل فيها تقدير ألفي رجل ، وقتل كل من التجأ إلى جامعها ومساجدها ، وأخذت الحرم ، وهتكت البنات وعوقبوا بأنواع العقوبات ، إلى أن أظهرن كل مذخور ، وأبرزن كل مستور ، وفعل في أمرهم مالا يستحله مسلم ، ولا يستحسنه كافر ، وأطلق بعد ذلك من كان في الأسر من الرجال والنسوان إلا من بقي في أيدي الأتراك ، وذلك في صفر سنة ست وثمانين وأربعمائة ، وحكى بعض من حضر هذه الكائنة القبيحة أنه شاهد امرأة تحت [واحد من](١) الأتراك يطلب منها الفاحشة ، وهي تصيح وتستغيث وتتمنع أشد التمنع «فجئته وحاولت تخليصها منه فلم يفعل ، فجرحته فتخلى عنها وإذا بها امرأة من وجوه الأشراف ، وأخرجتها إلى المخيم إلى أن سكنت الفتنة ، وأعدتها سالمة إلى دارها دون كل بنت هتكت ، وأحرزت ثوابها ، وحسن الذكر بين أشراف نصيبين».
سنة ست وثمانين وأربعمائة
في هذه السنة عاد السلطان تاج الدولة عن نصيبين بعد ما جرى فيها طالبا لإبراهيم بن قريش ، فلما عرف خبره ، جمع وحشد واستصرخ
__________________
(١) أضيف ما بين الحاصرتين كيما يستقيم السياق.