ونهضوا للإغائة
والإسعاد ، وطلب الجهاد ، ووصلوا إليه في خلق عظيم ، وجيش كثيف ، وصاففوا الأفرنج
وهم في الأعداد الدثرة ، والعدد الغاية في الكثرة ، فكسروا عسكر الأفرنج كسرة
عظيمة أجلت عن قتل الأكثر منهم ، ولم يفلت إلا من سبق جواده ، وأخر في أجله بحيث
أحصي القتلى فكانوا (٦٥ و) عشرين ألفا ، فجمعت رؤوسهم وبني بها أربع منائر للتأذين
في غاية الارتفاع ، وأذن المسلمون فيها ، وعاد عسكر الملثمين إلى بلادهم سالمين
ظافرين مسرورين مأجورين ، وامتنعوا من استخلاص ما كان ملكه الأفرنج من بلاد
الأندلس ، وبقي في أيديهم على حاله.
سنة تسع وسبعين وأربعمائة
فيها تقدم السلطان
العادل ملك شاه أبو الفتح بن السلطان ألب أرسلان رحمهالله بإبطال أخذ الكوس من سائر التجار عن جميع البضائع في
العراق وخراسان ، وحظر تناول شيء منها في بلد من البلاد الجارية في مملكته ، فكثر
الدعاء له من كافة الناس في سائر الأعمال وتضاعف الثناء عليه من الخاص والعام .
وفيها وردت
الأخبار من ناحية المغرب بوصول الانبرت ابن ملك الافرنج في عسكره إلى مدينة
المهدية ، ونزوله عليها ومضايقته لها إلى أن ملكها بالسيف قهرا ، وقتل رجالها وسبى
كافة من كان بها من أهلها .
__________________