عليه فكسروه وهزموه ، ووضعوا السيوف في عسكره قتلا وأسرا ونهبا ، وأفلت هزيما بنفسه في نفر يسير من أصحابه ، ووصل إلى الرملة وقد قتل أخوه.
__________________
إلى القاهرة ، وورد القاهرة ثلاثة آلاف رجل في المراكب لنية الحج ، فقال لهم بدر : دفع هذا العدو أفضل من الحج ، وأعطاهم المال والسلاح ، وقال لوالد شكلي التركماني الهارب من أتسز : كاتب التركمان ، فكاتبهم وأفسد منهم نحو من سبعمائة غلام وكانوا كارهين لأتسز من شحه وعسفه ، واتفقوا أن الحرب متى قامت استأمنوا إلى بدر ، وصار أتسز إلى القاهرة في أواخر جمادى الآخرة ، فأرسل بدر ألفي فارس يصدمونه ، حتى يستأمن من أفسدهم أبو شكلي ، فلم يستأمن أحد فكسرهم أتسز ، فرجعوا مفلولين إلى القاهرة ، وكان التجأ إليها أهل الضياع والأصقاع ومصر والتجار ، فوقفوا على باب القصر باكين صارخين ، فخرج من المستنصر خادم فقال : يقول لكم أمير المؤمنين إنما أنا واحد منكم ، وعوض ما تتضرعون على بابي وتبكون ، فارجعوا إلى الله تعالى وتضرعوا له ولازموا المساجد والجوامع ، وصوموا وصلوا ، وأزيلوا الخمور والمنكرات ، فلعل الله يرحمني وإياكم ، ويكشف عنا ما قد نزل بنا ، فعاد الناس إلى المساجد والجوامع ، وخرجت النساء كاشفات الوجوه منتشرات الشعور يبكين ويستغثن ، والرجال يقرأون القرآن ، وكان بدر الجمالي قد هيأ المراكب والسفن ، إن رأى غلبة نزل فيها إلى الاسكندرية وكذا صاحب مصر ، فضج الناس ، وقصدوا باب القصر وقالوا : تمضي أنت وبدر في السفن ونهلك نحن؟ فخرج الجواب : إني معكم مقيم ، فإن مضى أمير الجيوش إلى حيث يطلب السلامة ، فها هنا من السفن ما يعمكم ، مع أنني واثق من الله بالنصر ، وعندنا الكتب السالفة أن هذه الأرض لاتؤتى من الشرق ، ومن قصدها هلك ، فلما كان وقت السحر خرج بدر إلى ظاهر القاهرة والعسكر معه ، وأقبل أتسز في جحافله والدبادب والبوقات بين يديه ، فرأى بدر ما لم يظن له به طاقة ، وكان بدر قد أقام بدر بن حازم من وراء أتسز كمينا في ألفي فارس ، فخرج من ورائهم ، فأخذ البغال المحملة ، وضرب النار في الخيم والخركاوات ، واستأمن إلى والد شكلي السبعمائة غلام وكانوا في الميسرة ، وحمل بدر على الميمنة فهزمها ، وحمل السودان على القلب وفيه أتسز ، فانهزم وقتل من كان حوله ، وتبعهم السودان والعرب أسرا وقتلا إلى الرمل ، وغنموا منهم غنائم لم يغنمها أحد قبل ذلك ، وكان فيما أخذ ثلاثة آلاف حصان ، وعشرة آلاف صبي وجارية ، وأما من الأموال والثياب فما لا يحصى ، وأقاموا مدة شهر رجب يحوزون الأموال والخيل والأمتعة والأسارى ، وجاء العسكر وأهل البلاد إلى باب القصر ، فضجوا بالأدعية ، فخرج إليهم جواب المستنصر : قد علمتم ما أشرف من الأمر العظيم ، والخطب الجسيم ، الذي لم يخطر في نفوسنا القدرة على دفعه ورده حتى كشفه الله تعالى ، وما يجب أن يكون في مقابلته إلا الشكر لله تعالى على نعمته ، ومتى وجد انسان على فاحشة ، كان دمه وماله في مقابلة ذلك ، ثم وجد بعد ذلك ستة سكارى فأخذوا وخنقوا ، وزال ما كان بمصر من الفساد ، ولازموا الصلوات وقراءة القرآن ومضى أتسز في نفر يسير ، فلما وصل غزة ، ثار أهلها به ، وقتلوا جماعة ممن كان معه ، فهرب إلى الرملة فخرج إليه أهلها فقاتلوه وقتلوا بعض من كان معه ، فهرب إلى دمشق في بضع عشرة نفسا ، فخرج إليه ولده ومسمار أحد أمراء الكلبيين وكان قد استخلفهما بدمشق في مائتي فارس من العرب ، وكان وصوله في عاشر رجب ، فنزل بظاهرها في مضارب ضربها له مسمار ، وخرج إليه أهل البلد فخدموه وهنأوه بالسلامة وشكوه ، وشكرهم وأطلق لهم خراج تلك السنة ، وأحسن إليهم ووعدهم بالجميل ، فقام واحد منهم من الأعيان ، فقال : أيها الملك