والعدوان ، مكررا لقول الملك الديان : (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(١).
وأنفذ هو الجواب صحبة الرسول الواصل بعد إكرامه ، وطلع عقيب ذلك إلى قلعة حلب في يوم الأربعاء لعشر خلون من جمادى الأولى ، وبات ليلة الجمعة ، واقشعر جسمه وقت صلاة الظهر ، واشتدت به الحمى ، فأحضر طبيبا من حلب ، وشرح له حاله ، فوصف له مسهلا ، فلما حضر لم تطب نفسه لشربه ، ولحقه فالج في يده اليمنى ورجلة اليمنى ، وزاد قلقه ، وقضى نحبه في الثلث الأخير من ليلة الأحد لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وأربعمائة.
وله أخبار محمودة في حسن السيرة والعدل والنصفة والذكاء والمعرفة ، وذكر المال الذي خلفه بقلعة حلب بعد وفاته ستمائة ألف دينار سوى الآلات والعروض ، وقيمة الغلات مائة ألف دينار ، وأخذ له من دمشق وفلسطين مائتا ألف دينار ، وكان له مع التجار خمسون ألف دينار ، ونهب له من القصر بدمشق مائتا ألف دينار ، خلف من الأولاد هبة الله من بنت وهب بن حسان ، ماتت أمه وعمره أربعون يوما ، وأبوه وله شهران وسنة ، وأربع بنات إحداهن من بنت الأمير حسام الدولة البجناكي ، وابنه من بنت عزيز الدولة رافع بن أبي الليل ، وابنتان من جاريتين وهبهما في القصر ، فأما هبة الله فإنه حمل إلى الحضرة وأكرم بها وكفله رضي الدولة غلامه ، وعاش ست سنين ، وسقط عن فرسه فمات ، والبنت من بنت حسام الدولة تزوجها الأمير صارم الدولة ذو الفضيلتين ، والبنت من بنت رافع نقلت إلى حلة أخوالها من بني كلب.
ثم رأت الحضرة في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة نقل أمير الجيوش من تربته بحلب إلى تربته ببيت المقدس ، فأمرت بنقله في تابوت على طريق
__________________
(١) القرآن الكريم ـ آل عمران : ٣٤.