والكرامة لجميع الأمم ، وفيهم نزلت الآيات والحكم ، قال الله تعالى : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ)(١) وليس مسير العبد إلى حلب ينجيه من سطوات مواليه ، لقوله تعالى : (قُلْ [مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً. أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ] وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ)(٢) والذين كتب عليهم القتل [يدركهم](٣) إلى مضاجعهم ، لكنه بعد توسله واعترافه بجرائره وذنوبه ، وتنصله يرجو قبول توبته ، وتمهيد عذره في إنابته و (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)(٤) ولأمير المؤمنين في كل قول وحد ، فقد وعد الله المسرفين على أنفسهم فقال تعالى : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(٥).
وأما ما رقي إلى الحضرة المطهرة عن العبد في كثرة الأموال وجمعها ، فذلك طباع ولد آدم في حب اللجين والعسجد ، وما عليه في الدنيا يعتمد ، نعوذ بالله أن يكون ذلك لمضادة أو مقاومة أو مكاثرة أو مقابلة ، لكنها معدة للجهاد في أعداء أمير المؤمنين ، ومبذولة في نصرة (٤٩ ظ) أوليائه المخلصين ، إذ يقول تعالى ، وله (الْمَثَلُ الْأَعْلى)(٦) : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ)(٧) ولقد قرىء على العبد القرآن العظيم فوجده منوطا بطاعة إمام الزمان ، وهو ولي العفو والغفران عن أهل الإساءة
__________________
(١) القرآن الكريم ـ النور : ٢٢.
(٢) القرآن الكريم ـ النساء : ٧٧ ـ ٧٨. وسقط ما بين الحاصرتين من الأصل.
(٣) أضيف ما بين الحاصرتين تقديرا كيما يستقيم السياق.
(٤) القرآن الكريم ـ الروم : ٤.
(٥) القرآن الكريم ـ الزمر : ٥٣.
(٦) القرآن الكريم ـ النحل : ١٦.
(٧) القرآن الكريم ـ الأنفال : ٦٠.