وأيس من العود إلى دمشق ، وقد كان عازما على العود ، ثم وصله السجل عن الحضرة صحبة بعض العرب نسخته :
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله ووليه الإمام معد أبي تميم ، المستنصر بالله أمير المؤمنين ، إلى أنوشتكين مولى دزبر بن أونيم الديلمي.
أما بعد فإن الله بقضيته العادلة ، ومشيئته البالغة لم يك مغيرا (ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ)(١) مع ما أنك أجرمت على نفسك في يومك وأمسك ، واستوجبت بذلك مقام الحلول من نحسك ، فلا تعجل بعذاب الله عند ما أسرفت ، ووبيل عقابه ، عند ما خالفت ، فإن الله تعالى يقول مخاطبا لذوي العقول «فمهل الكافرين أمهلهم رويدا» (٢) وتالله لقد جددت بمسيرك إلى حلب ، لبعد أملك وانقطاع أجلك ، وإنما بقي لك إلا أيام قلائل ، ويكثر لك الندم وتحل بك النقم (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها)(٣) وإن مثلك مثل شاة عطشانة ولهانة ضائعة جائعة ، نزلت في مرج أفيح ، غزير ماءه ، كثر عشبه (٤٨ ظ) ومرعاه ، فشربت ماء ، وأكلت عشبا ، فرويت بعد ظمائها ، وشبعت بعد جوعها ، واستحسنت بعد قبحها ، فلما تكامل حسنها ، ذبحت (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)(٤) وإن أمير المؤمنين يضرب لك مثلا عن جده المصطفى صلىاللهعليهوسلم ، لما أنزل عليه (وَالضُّحى. وَاللَّيْلِ إِذا سَجى. ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) إلى قوله عزوجل : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ، وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى
__________________
(١) القرآن الكريم ـ الرعد : ١١.
(٢) القرآن الكريم ـ الطارق : ١٧.
(٣) القرآن الكريم ـ البقرة : ٢٦.
(٤) القرآن الكريم ـ ابراهيم : ٢٥.