البلد ، ودخله وأحسن إلى أهله ، ورد ما كان صالح اغتصبه من الأملاك إلى أربابها (١) ، وأمر بقتال القلعة فقوتلت وهو قائم ، وراسله مقلد بن كامل المقيم بها ، وسلمها إليه وأقطعه (٤٨ و) عدة مواضع ، وسكن في دار عزيز الدولة ، وتزوج بنت الأمير منصور بن زغيب ، ووصله السجل من الحضرة بإقطاعه حلب ، وعاد إلى دمشق وشرع في عمارة الدار بالقصر ، ثم بلغه عن الوزير علي بن أحمد الجرجرائي ، وعن الظاهر ما أوجب الاستيحاش منه والنفور عنه ، فعزم على العود إلى حلب ، فظهر له من أجناده ما أنكره ، فهموا بالقيام عليه ، فسار من القصر بعد أن أمر الغلمان بنهب ما في القصر (٢) ووصل إلى حلب ، ودخلها في يوم الاثنين لأربع خلون من شهر ربيع الآخر ، ونزل في دار سعد الدولة ، واجتمع بزوجته وابنته الواصلين من مصر ولازم الشراب ، وصخّ عليه جسمه (٣) وبلغه وصول سجل من مصر إلى دمشق عن الحضرة قرىء على المنبر يقال فيه :
أما بعد فإنه قد علم الحاضر ، والبادي والموالف والمعادي ، حال أنوشتكين الدزبري الخائن ، وأنه كان مملوكا لدزبر بن أونيم الحاكمي وأهداه إلى أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله ، فنقله إلى المراتب إلى أن انتهى أمره إلى ما انتهى إليه ، فلما تغيرت نيته ، سلبه الله تعالى نعمته لقوله تعالى :
(إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)(٤).
فشق هذا الأمر عليه ، وضاق صدره لإسقاط نعوته ، وقلق لذلك ،
__________________
(١) في زبدة الحلب : ١ / ٢٥٦ أن الدزبري اجتاز بطريقه إلى حلب «بمعرة النعمان ، فالتقاه أهلها فأكرمهم ، وسألهم على أبي العلاء بن سليمان ، وقال لهم : لأسيرن فيكم بسيرة العمرين».
(٢) ذكر المقريزي في ترجمة الدزبري في كتابه المقفى أن ما نهب من قصر دمشق / ٢٠٠ / ألف دينار.
(٣) في الأصل «صح» وهي تصحيف لعل صوابه ما أثبتناه ، والصاخة : الداهية والجمير العظيم. العين
(٤) القرآن الكريم ـ الرعد : ١١.