ووجدت جار أبي الندى متحكما |
|
حكم العزيز على الذليل الكابي |
فليهنه منن على متنزه |
|
لسوى مواهب ذي المعارج آب |
قد كان من حكم الصنائع شامسا |
|
فاقتاده بصنيعة من عاب |
فلأنظمن له عقود محامدي |
|
تبقى جواهرها على الأحقاب |
لا جاد غيركم الربيع ولا مرت |
|
غزر اللقاح لغيركم بحلاب |
أنا ذاكم الرجل المندد ذكره |
|
كالطود حليّ جيده بشهاب |
ولقد رجوت ولليالي دولة |
|
أني أجازيكم بخير ثواب |
فلما سمع حسان بن الجراح هذه الأبيات ، هش لها ، وجدد القول له بما سكن جأشه وأزال استيحاشه.
وهذا أبو القاسم الحسين بن علي المغربي كان ذا علم وافر وأدب ظاهر ، وذكاء وصناعة مشهورة في الكتابة ومضاء ، فأقام عنده ما أقام محترما (٤٣ و) مكرما ، وجرى له ما يذكر في موضعه (١) ، ثم رحل إلى ناحية العراق ، وتقدم هناك في الأيام القادرية ووزر للأمير قرواش أمير بني عقيل ، ووزر لابن مروان صاحب ديار بكر ، وكان مستقلا بصناعتي الكتابة والانشائية والحسابية ، وحين مرض وأشفي ، وصى بحمل تابوته إلى الكوفة ودفنه في المشهد بها ، وفعل به ذلك.
ثم تغير الحاكم لمنصور بن عبدون فنكبه وقتله ، وقلد مكانه زرعه بن نسطورس الوزير ولقبه بالشافي ، وذلك في سنة أربعمائة (٢).
وفي سنة سبع وتسعين وثلاثمائة وردت الأخبار بالوقعة الكائنة بين
__________________
(١) قال أبو القاسم المغربي لحسان بن المفرج : إن الحسن بن جعفر الحسني صاحب مكة لا مطعن في نسبه ، والصواب أن ننصبه إماما ، فأجابه ، فمضى أبو القاسم إلى مكة ، وأقنع أميرها وجلبه إلى الرملة حيث أعلنه خليفة باسم الراشد بالله ، وسعى الحاكم بأمر الله إلى تدارك الموقف فاشترى حسان بن المفرج ، فتخلى عن الخليفة الجديد هذا ، وبصعوبة تمت اعادته إلى مكة ، وهرب ابن المغربي نحو شمال بلاد الشام.
(٢) هو ابن الوزير عيسى بن نسطورس ، وهو من القلائل الذين أفلتوا من غضب الحاكم ، انظر الوزارء في العصر الفاطمي : ٢٤٨.