الفضل صاحب الحاكم ، وبين أبي ركوة الخارج عليه ، وظفر الفضل به وأخذه وحمله إلى القاهرة وشهره بها وقتله فيها ، وقيل أن أبا ركوة لقب غلب عليه بركوة كانت معه في أسفاره على مذهب الصوفية ، واسمه الوليد أموي من أولاد هشام بن عبد الملك بن مروان ولنوبته في ذلك شرح يطول ، إلا أن أبا ركوة هذا لما انهزم في الوقعة قصد صاحب النوبة ، وتردد من الحاكم إليه بسببه مراسلات إلى أن أنفذه إليه مع أصحابه ، وأنفذ معه صاحبا له بهدايا إلى الحاكم ، وتسلم أبا ركوة أخو الفضل ، وحمله إلى أخيه الفضل ، فسار [به] وكان الفضل يقبل يد أبي ركوة ويعظمه تأنيسا لئلا يقتل نفسه قبل إيصاله وإنزاله في مضاربه ، وأخدمه نفسه وأصحابه ، وكتب [إلى] الحاكم بخبر حصوله ووصوله ، وكان الفضل يدخل عليه في غداة كل يوم إلى خركاه قد ضربت له خيمة ، ويصحبه ويقبل يده ، ويقول له : كيف يا مولاي؟ فيقول : بخير يا فضل أحسن الله جزاءك ، ويحضره شرابا فيشرب بين يديه ، ثم يناوله إياه ويفعل مثل ذلك في طعامه إلى أن وصل إلى الجيزة ، فلما حصل بها راسله الحاكم بأن يعبر هو والعسكر الذي معه ، وينزل على رأس الجسر ، ويصل إلى القاهرة ، ففعل ذاك وكان لا يمشي خطوات إلا وقد تلقته الخدم بالتشريف والحملان ، وهو ينزل عن فرسه ويقبل الأرض ، ويعود إلى ركوبه ، ولم يزل على هذه الحال إلى أن وصل إلى القصر ، ودخل إلى القصر على الحاكم فخدمه ودعا له ، وشرح حاله إلى أن ظفر بالعدو ، وخرج بعد ذلك إلى داره ، وتقدم وجوه القواد وشيوخ الدولة بالمصير إلى أبي ركوة ومشاهدته ، ويقال (٤٣ ظ) أن الحاكم قد مضى من غد ذلك اليوم ، وقد رسم أن يشهر ويطاف به في مصر (١) واتفق دخول القائد ختكين الداعي ، وكان
__________________
(١) كانت ثورة أبي ركوة ـ الذي ادعى أنه من ولد هشام بن عبد الملك بن عبد الرحمن الداخل ـ أعظم الثورات ضد الفاطميين في مصر ، تفجرت بين قبائل بني قرة في الأراضي الليبية الحالية المصاقبة للحدود المصرية ، وقد انضم للثورة قبائل زناته البربرية ، وأخفقت أكثر من حملة وجهها الحاكم للقضاء عليها ، ويبدو أن بعض المساعدات وصلت إلى أبي ركوة من ملك النوبة ، لهذا فر إليه عند ما أخفقت ثورته ، وقام هذا الأخير بتسليم أبي ركوة كيما