ولاية القائد أبي صالح مفلح اللحياني المقدم ذكره
وشرح الحال في ذلك لدمشق في سنة أربع وتسعين وثلاثمائة
وصل القائد أبو صالح مفلح الخادم المعروف باللحياني إلى دمشق واليا عليها في المحرم سنة أربع وتسعين وثلاثمائة فتولى أمرها وأمر ونهى في أهلها ، وكان القائد طزملت المصروف عنها قد برز إلى داريا فلم يلبث إلا قليلا واعتل فيها علة قضى نحبه فيها في يوم الاثنين الثاني من صفر من السنة ، وأقام القائد أبو صالح واليا عليها وسائسا لأمور أهلها (٤٢ و) والأحوال مستقيمة على نهج الصواب والسداد ، وقضية المراد إلى أن صرف بالقائد حامد بن ملهم ، وسيأتي شرح ذلك في موضعه.
وقيل إن منصور بن عبدون الناظر في الدواوين بمصر ، لم يزل بنو المغربي المقدم ذكرهم مستمرين على الوقيعة فيه ، والتضريب بالسعاية عليه ، وافساد رأي الحاكم فيه ، وهو يعتمد فيهم مثل ذلك ، ويغريه بهم ، ويحمله على قتلهم حتى تقدم إلى جعفر الصقلبي ، وكان قد قام مقام مسعود السيفي في القتل أن يحضر عليا ومحمدا ابني المغربي ، ويدخلهما الحجرة ، ويضرب أعناقهما ، ففعل ذلك ، ثم أمره أن يحضر أبا القاسم الحسين بن علي المغربي وأخويه ويقتلهم ، فأما الأخوان فإنهما أخذا بعد ثلاثة أيام وقتلا ، وأما أخوهما أبو القاسم الحسين بن (١) علي فاستتر ، وأعمل الحيلة في النجاة ، وهرب مع بعض العرب ، وحصل بحلة حسان ابن المفرج بن دغفل بن الجراح فاستجار فأجاره ، وأنشده عند دخوله عليه وايمانه ممن يطلبه منه ما يستنهض عزيمته فيه من الإجارة له ، والذب عنه ، والمراماة دونه :
__________________
(١) من أكبر شخصيات عصره سياسيا وثقافيا ، حاول اقامة خلافة حسنية في الرملة ، وزر في حلب ثم في ميافارقين ، ترجم له ابن العديم في بغية الطلب ترجمة مطولة ، أورد فيها نص أمان الحاكم له ، وصلنا من كتبه قطعة من كتاب «أدب الخواص» والايناس في علم الأنساب ، وشرح سيرة ابن هشام ، وهي جميعا مصورة لدي.