والقلم ، فنظر في الأمور ، ودبر الأعمال وحفظ وجوه المال ، والاستغلال تقدير سنتين ، ثم تغير له وتأول عليه وقتله ، وقلد مكانه المعروف بمنصور بن عبدون (١) ، وكان رجلا نصرانيا خبيثا جلدا ، وبينه وبين أبي القاسم الحسين بن علي بن المغربي ووالده أبي الحسين علي عداوة قديمة ، ومساعاة ووقائع متصلة ، لأن أبا القاسم صرف به عن ديوان السواد ، فواصل أبو القاسم الوقيعة فيه ، والكلام عليه وعلى الكتاب النصارى ، إلى أن قبض على جماعتهم ، فلما حصلوا في القبض أمر الحاكم بأن يضرب كل واحد منهم خمسمائة سوط ، فإن مات رمي به للكلاب ، وإن عاش أعيد ضربه إلى أن يموت ، فبذل منهم جماعة مالا عظيما على أن يستبقوا ، فلم يقبل منهم واستمرت الشحناء بينهم.
__________________
(١) كان متسلما لديوان الشام قبل الوزارة ، ويلاحظ مما سبق من أخبار رجال الادارة الفاطمية قلة المسلمين منهم ، مما اتخذه البعض مطعنا في عقيدة الفاطميين ، على أن بعض الباحثين يرى أن السبب هو التخصص والكفاءة ، فالجغرافي المقدسي حين وصف في كتابه أحسن التقاسيم الشام ، عد من معائب البلاد أن المال والادارة بيد أهل الذمة لانصراف المسلمين إلى ما سوى ذلك.