وافى عسكر محمود ، واستأذن عليه ودخل ، وقال له ما قاله وحيد الوالي ، فقال له : لم تجر بذلك العادة فيما تسومنيه ، وفي غد نجتمع ، فأجابه بما قال له وحيد ، فلما سمعه ضعفت نفسه وساء ظنه ، ولم يمكنه مخالفته ، فركب في موكبه ، وتوجه إلى دار وحيد ، وصار إلى وحيد من أعلمه ركوبه ، فتقدم إلى بعض حجابه ، وصاحب الخبر بالرملة بأن يتلقاه ، فإذا لقياه أنزلاه عن دابته ، وضربا عنقه ، وأخذا رأسه ، ففعلا ما أمرهما ، وحين وصل سوق البز صادفاه وأنزلاه بعد تمنعه ، فأوقعا به وقطعا رأسه وحملاه إلى وحيد ، فأحضر القاضي والشهود وكتب محضرا بأن الرأس رأس محمود ، وصيره وأنفذه مع المحضر إلى صاحب البريد فأسرع (٤١ ظ) به إلى مصر ، وقبض على أصحابه وأسبابه وأمواله وكراعه ، وسر الناس بهلاكه وتباشروا بما كفوه من شره ، ووصل الرأس إلى الحاكم ، فأحضر ست الملك فأراها إياه ، فدعت له وشكرته على ما كان منه ، وأمر مسعود بأن يأخذ ابن العداس من بين يدي قائد القواد الحسين بن جوهر (١) ، فتضرب عنقه بحضرته ، ويأخذ رأسه ويضيفه إلى الرأس ففعل ، فلما اجتمع الرأسان بين يديه أمره أن يخرجهما إلى قائد القواد ، فأخرجهما إليه ، فلما شاهدهما جزع جزعا شديدا ، ثم استدعاه الحاكم وسكن منه وأمره أن يستنيب أبا الفتح أحمد بن محمد بن أفلح على النظر في الأمور ، فأقام في النظر سنة ونصفا ، ثم قتل ، وأقيم مقامه يحيى بن الحسين بن سلامة النصراني.
وكثر الكلام على قائد القواد ، والوقائع فيه فتنكر الحاكم عليه ، وتغير له ، وهم بالايقاع به ، وصرفه عن الوزارة ، وعول فيما كان إليه على علي ابن صالح بن علي الروذباري (٢) ، ولقبه بثقة الثقات ، ورد إليه السيف
__________________
(١) شغل الحسين بن جوهر منصب برجوان بعد قتله. انظر الاشارة إلى من نال الوزارة : ٢٨.
(٢) عراقي الأصل ، التحق بخدمة الفاطميين ، تقلد ديوان الشام ، ثم حل محل ابن جوهر ، صرف من عمله بعد قرابة عامين ، وألزم بالبقاء في بيته ثم قتله بعد ثمانية أشهر من عزله في شوال سنة ٤٠٠ ه ، الوزارة والوزراء في العصر الفاطمي : ٢٤٦ ـ ٢٤٧.