عمار وكتامة ، وما خافه على نفسه منهم ، وأن مصر والقاهرة قد خلتا إلا من العدد الأقل منهم ، وامكنته الفرصة فيما يريده منهم فراسل الأتراك والمشارقة ، وقال لهم : قد عرفتم صورتكم وصورة الحاكم مع هؤلاء القوم ، وأنهم قد غلبوا على المال ، وغلبوكم ، ومتى لم ننتهز الفرصة في قلة عددهم ، وضعف شوكتهم ، سبقوكم إلى ما لا يمكنكم تلافيه بعد التفريط فيه واستدراك الغاية منه ، وأوثقهم على الطاعة والمساعدة فبذلوها له ووثقوا له في كل ما يريده ، وأحس الحسن بن عمار ما يريد برجوان ، وشرع فيه وفي الفتك به ، وسبقه إلى ما يحاوله فيه ، ورتب له جماعة في دهليزه ، ووافقهم على الإيقاع به وبشكر إذا دخلا داره ، وكان لبرجوان عيون كثيرة على الحسن بن عمار ، فصاروا إليه وأعلموه ما قد عمل عليه ، واجتمع برجوان وشكر وتفاوضا الرأي بينهما في التحرز مما بلغهما وقررا أن يركبا ، ويركب على إثرهما من الغلمان جماعة ، «فإن أحسوا وأحسينا على باب الحسن ما يريبنا رجعنا وفي ظهورنا من يمنع منا» فرتبا هذا الأمر وركبا إلى دار الحسن ، وكانت في آخر القاهرة مما يلي الجبل ، فلما قربا من الباب بانت لهما شواهد ما أخبرا به فحذرا وعادا مسرعين ، وجرد الغلمان الذين كانوا معهما سيوفهم ، ودخلا إلى قصر الحاكم يبكيان لديه ويستصرخان به ، وثارت الفتنة واجتمع الأتراك والديلم والمشارقة وعبيد الشراء بالسلاح على باب القصر ، وبرجوان يبكي ويقول لهم : يا عبيد مولانا احفظوا العزيز في ولده ، وارعوا فيه ما تقدم من حقه ، وهم يبكون لبكائه.
وركب الحسن بن عمار في كتامة ومن انضاف إليهم من القبائل ، وغيرهم وخرج إلى الصحراء وتبعوه وتبعه وجوه البلد ، فصار في عدد كثير ، وفتح برجوان خزائن السلاح ، وفرقه على الغلمان والرجال ، وأحدقوا ومن معهم بالقصر من المشارقة والعامة (٣٤ ظ) بقصر الحاكم ، وعلى أعلاه الخدم والجواري يصرخون ، وبرز منجوتكين وبارجتكين