أصحاب منجوتكين أربعة قواد في وقت واحد ، وانهزم منجوتكين وقتل من الديلم عدة كثيرة لأنهم لجأوا عند الهزيمة إلى شجر الجميز واختفوا به ، فكان المغاربة ينزلونهم منهم ويقتلونهم تحتها ، وأحصيت القتلى ، فكان من أصحاب منجوتكين ألفي رجل.
وسار سلمان إلى الرملة وقد امتلأت أيدي أصحابه من الغنائم والأموال والكراع ، وبذل لمن يحضر منجوتكين عشرة آلاف دينار ومائة ثوب ، فانبثت العرب في طلبه ، وأدركه علي بن الجراح ، فأسره وحمله إلى سلمان ، فأخذه منه وأعطاه ما بذل له ، وحمله مع رؤوس القتلى من أصحابه إلى مصر ، فشهرت الرؤوس وأبقى على منجوتكين الحسن بن عمار واصطنعه ، واستمال المشارقة به ، ونزل سلمان طبرية.
وكان أهل دمشق قد أثاروا الفتنة ، ونهبوا دار منجوتكين وخزائنه وما فيها من مال السلطان وعدده ، فأنفذ أخاه عليا إليها في خمسة آلاف رجل ، فلما وصلها ناوش أهلها وناوشوه ، واعتصموا بالبلد ، ومنعوا الدخول إليه ، وكتب إلى سلمان أخيه يعلمه مخالفتهم وعصيانهم ، ويستأذنه في منازلتهم وقتالهم ، فأذن له في ذلك وأعلمه مسيره إليه ، وكتب إلى موسى العلوي والأشراف والشيوخ بالإنكار عليهم بتسلط العامة فيما ارتكبوه من النهب والافساد ، وتقاعدهم عن الأخذ على أيديهم والردع لهم ، والتوعيد بالمسير إليهم ، والمقابلة لهم بما يقتضيه الرأي ، فلما وقفوا على ما ذكره ، خافوا وخرجوا إلى أخيه علي ، ولقوه وأعلموه أنهم على الطاعة والإنكار لما أجرى إليه (٣٣ ظ) الجهالة ، فركب علي وحارب أهل دمشق وزحف إلى باب الحديد والنفاطون معه ، فانهزموا منه ، وملك البلد ، وطرح النار في الموضع المعروف بحجر الذهب ، وهو أجل موضع في البلد ، وقتل خلقا من رجاله ، وعاد بعد ذلك إلى معسكره ، ووافى من غد أخاه سلمان في عسكره ، فأنكر عليه إحراق ما أحرق ، وبلوغه في الإفساد ما بلغ ، وتلقاه الأشراف والشيوخ