ما الرأي عندكم؟ قالوا : نحن أهل طاعتك والمسارعون إلى العمل باشارتك ، وأظهر أن منجوتكين قد عصى على الحاكم وجرى مجرى ألفتكين المعزي البويهي ، وندب الناس لقتاله وتقدم إلى الخزان في خزائن أموال العزيز بإطلاق الأموال ، وإلى العراض (١) بتجريد الرجال والإنفاق فيهم ، وأحضر برجوان وشكر العضدي وقال لهما : أنا رجل شيخ ، وقد كثر الكلام عليّ والقول فيّ ، ومالي غرض إلا في حفظ الأمر للحاكم ، ومقابلة اصطناع العزيز وإحسانه إليّ ، وأريد مساعدتكما ومعاضدتكما ، وأن تحلفا لي على صفاء النية وخلوص العقيدة والطوية ، فدعتهما الضرورة إلى الانقياد له والإجابة إلى ما سأله منهما ، واستأنف معهما المفاوضة والمشاورة والاطلاع لهما على مجاري الأمور ووجوه التدبير في الجمهور واستمالة المشارقة.
وندب أبا تميم سلمان بن جعفر بن فلاح ، وقدمه وجعله اسفهسلار الجيش ، وأمره بالمسير إلى الشام ، وأطلق له كل ما التمسه من المال والعدد والرجال والسلاح والكراع ، وأسرف في ذلك إلى حد لم يقف عنده ، وجرد (٣٣ و) معه ستة عشر ألف رجل من الخيل والرجال وبرز إلى عين شمس وكان عيسى بن نسطورس الوزير على حاله في الوزارة ، فبلغ ابن عمار عنه ما أنكره ، فقبض عليه ونكبه ، وقتله ، وسار سلمان بن فلاح من مصر ، ورحل منجوتكين إلى الرملة فملكها وأخذ أموالها ، فتقوى بها ، وكان معه المفرج بن دغفل بن الجراح ، وسنان بن عليان (٢) ، ونزل سلمان عسقلان ، وسار منجوتكين حتى نزل بظاهرها ، وتقابل الجيشان ، فلما كان بعد ثلاثة أيام من تقاربهما ضرب كل واحد منهما مصاف عسكره ، وعمل على مناجزة صاحبه ، واستأمنت العرب من أصحاب ابن جراح وابن عليان إلى سلمان ، فاستظهر وقتل من
__________________
(١) كانت وظيفة العارض من أهم الوظائف العسكرية.
(٢) أمير قبائل كلب ، وسيرد المزيد من أخباره.