السواد ، وجمع القواد والأجناد ومشايخ البلد وأشرافه وفيهم موسى العلوي ، وله التقدم والميزة ، وأذكرهم بحقوق العزيز وما كان منه من الاحسان إلى الخاص والعام ، وحسن السيرة في الرعية ، واعتقاد الخير للكافة ، وخرج من ذلك إلى ذكر ما له عليه من حقوق الاصطناع والتقدم والاصطفاء ، والتعزير (١) للتنويه باسمه وما يلزمه في خدمته حيا وميتا ، ومناصحته معدوما ومفقودا وموجودا ، وقال : وإذ قبضه الله إليه ونقله إلى ما اختاره له وارتضاه ، وحكم به وأمضاه ، فإن حقوقه قد انتقلت إلى نجله وسليله الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين ، وهو اليوم ولي النعمة وقائم مقام العزيز بالله رحمهالله ، في استحقاق الطاعة والمناصحة (٣٢ ظ) والخدمة ، وقد تغلب على الملك الحسن بن عمار وكتامة ، وصار إخواننا المشارقة بينهم كالذمة بين المسلمين ، وما يسعنا الصبر على هذه الصورة وتسليم الدولة إلى هذه العصابة المتسلطة ، وخرق ثيابه السود ، وبكى البكاء الشديد ، فاقتدى الناس في تخريق الثياب والبكاء ، ثم قالوا : ما فينا إلا سامع لك مطيع لأمرك ومؤثر ما تؤثر وباذل مهجته في طاعة الحاكم وخدمته وخدمتك ، ومهما رسمت لنا من خدمة وبذل نفس ومكنة كنا إليه مسارعين ، ولأمرك فيه طائعين إلى أن تبلغ مناك وتدرك مبتغاك في نصرة مولانا ، فشكرهم على هذا المقال وقوى عزائمهم وآراءهم على المتابعة له ، والعمل بما يوافقه ، وعاد إلى داره ووضع العطاء في الرجال ، وبرز إلى ظاهر دمشق ، وقد اشتملت جريدة الاثبات على ستة آلاف من الأجناد السائرين معه خيلا ورجلا ، وكتب إلى الحسن بن عمار على أجنحة الطيور ومع أصحاب البريد بشرح ذلك الحال.
فلما وقف على الخبر عظم عليه وقلق ، وجمع وجوه كتامة ، وأعاد عليهم ما ورد من خبر منجوتكين ، وما هو مجمع عليه في بابهم ، وقال :
__________________
(١) الاعانة والتوفير والنصر ومنع الجاني أن يعاود الذنب ـ النهاية لابن الأثير.