يده في الإطلاق والعطاء والصلات بالأموال والثياب والحباء وتفرقة الكراع ، وكان في القصر عشرة آلاف جارية وخادم ، فبيع منهم من اختار البيع ، وأعتق من سأل العتق ، ووهب من الجواري لمن أحب وآثر ، وانبسطت كتامة وتسلطوا على العامة ومدوا أيديهم إلى حرمهم وأولادهم ، وغلب الحسن بن عمار على الملك ، وكتامة على الأمور ، وهم الحسن بقتل الحاكم (٣٢ و) وحمله على ذلك شيوخ أصحابه ، وقالوا : لا حاجة لنا إلى إمام نقيمه ونتعبد له ، فحمله صغر سنه والاستهانة بأمره على إقلال الفكر فيه ، وأن قال لمن أشار عليه بقتله : وما قدر هذه الوزعة (١) حتى يكون منها ما نخاف ، وبرجوان في أثناء ذلك يحرس الحاكم ويلازمه ويمنعه من الركوب ، ولا يفسح له في مفارقة الدور والقصور ، وقد كان شكر العضدي اتفق مع برجوان وعاضده في الرأي والفعل ، وصارا على كلمة سواء في كل ما ساء وسر ، ونفع وضر ، وتظاهرا على حفظ الحاكم في وصاة والده العزيز به إلى أن تمت السلامة لهما فيه.
وأما منجوتكين وما كان منه بعد نوبة الروم فإنه أقام بدمشق على حاله في ولايتها ، وزاد أمر الحسن بن عمار وكتامة ، وقلت مبالاتهم بالسلطان ، فكتب برجوان إلى منجوتكين يعرفه استيلاء المذكورين على الأمور وغلبتهم على الأموال وتعديهم على الحرم والفروج وقبيح الأعمال ورفعهم المراقبة للخالق والحشمة من المخلوقين ، وإبطالهم رسوم السياسة وإضاعة حقوق الخدمة ، وأنهم قد حصروا الحاكم في قصره وحالوا بينه وبين تدبير أمره ، ويدعوه إلى مقابلة نعمة مولاه العزيز عنده بحفظه ولده ، والوصول إلى مصر وقمع هذه الطائفة الباغية ، وقال : إن الديلم والأتراك والعبيد الذين على الباب يساعدونه على ما يحاول فيهم ، ويكونون معه أعوانا عليهم ، فامتثل منجوتكين ما في الكتاب عند وقوفه عليه ، وسارع إليه ، وركب إلى المسجد الجامع في
__________________
(١) دويبة صغيرة من الزواحف سامة برصاء. لسان العرب