يذهب إليها أهل الحرف والصنائع تحصيلا لمعيشتهم.
مواسم الحظ والفرج
ومن مواسم الحظ والفرج عندهم ثلاثة أيام في المرفع وهي التي يسمونها الكرنيفال ، وقد ذكرناها في الكلام على مالطا فلا ينبغي إعادتها ، وإنما نقول هنا : إنه في هذه الليالي يدومون في المراقص حتى الصباح ، وفي يوم خميس السكارى يطوفون بثور مسمّن وأمامه طائفة الجزّارين بلباس السخرية ، ويغطون الثور بثوب مزركش وعلى رأسه إكليل من الزهر ، وكانت العادة سابقا أن يقعد على ظهره ولد يسمونه ملك الجزّارين ، ويمسك بإحدى يديه سيفا وبالأخرى صولجانا ، فأما الآن فإنه يقعد في نحو محفّة ، ويتبع الثور بلا سيف ولا صولجان.
ومن ذلك عيد رأس السنة وهي ثلاثة أيام ترى فيها جانبي البلفار مشمولا بالخيام لبيع التحف والطرف التي يتهادى بها ، وترى أيضا غيضة شانزلزي مشحونة بظلل وقبب وأخبية ، فيها جميع أنواع الطرب والشعوذة والرقص على الحبال ، وترى من بدائع المصنوعات والمخلوقات ما لا تراه في المملكة كلها. وقد رأيت مرة امرأة جميلة ذات لحية وشوارب ، وعلى قفاها وذراعيها من الشعر ما لم يكن على رجل ، وكأنها هي التي ذكرها صاحب المعجم حيث قال : أرسلت امرأة إلى باريس لها لحية كثيفة وجميع بدنها مغشّى بالشعر ، قال وقد علم أن نساء كثيرة لهن شوارب ولحى ، وشعر مسترسل على أكتافهن وسواعدهن من جملتهم (٢٩٢) امرأة أتي بها إلى حضرة بطرس الأكبر ، وكانت لحيتها نحو ذراع ونصف ، وفي الخامس عشر من أغسطوس تصنع الدولة عيدا حافلا يحشد إليه مئات ألوف لرؤية الأنوار وشهب البارود. وفي الجملة فإن أيام باريس كلها مواسم وأعياد وإن ليلها أبهج من نهارها. هذا وعلى قدر ما فيها من المحاسن الفائقة والأرناء الشائقة فإن ضواحيها أبهى وأشهى.
__________________
(٢٩٢) كذا وردت ، والصواب أن يقال : من جملتهنّ.