مدافع غنمها الفرنساوية من بروسيا والجزائر وعنّابة ، وطول المارستان ٦١٢ قدما ، وفيه مكتبة نفيسة ، وكنيسة طويلة نصب على مشرفتها جميع الرايات التي أخذها نابوليون من جيوش الدول التي انتصر عليها ، أحسبها تبلغ ٢٠٠. ومن جملتها عدة رايات من العساكر المسلمين. قال وكان في الكنيسة ٠٠٠. ٤ راية وسيف لفريدريك الكبير ، فلما دخلت عساكر الدول المتفقة إلى باريس صدر أمر من وزير الحرب عن لسان يوسف بونابارته بأن تحرق الرايات ، ويكسر السيف ، فخشي المأمورون تبعة ذلك فلم يحرقوها ، إلا بعد أن راجعوه في أمرها ثلاث مرات. قال وفي هذه الكنيسة دفن نابوليون وأمراء عسكره ، ووضع على قبره تاجه ونيشانه وسيفه ، وصرف في القبر مليون ونصف.
مدفن نابوليون
قلت لا يخفى أن نابوليون لم يمت في باريس ، بل مات في جزيرة صانت هيلان ، غير أن دولة فرنسا في أيام لويس فيليب استأذنت دولة الإنكليز في نقل جثته من هناك فأجابت إلى ذلك ، فأرسل الملك ابنه في بارجة اسمها «بل بول» ونقلوا جثته إليها ، وذلك في السادس عشر من أكتوبر سنة ١٨٤٠ ، وفي الخامس عشر من ديسمبر دفنوها في كنيسة هذا المارستان بغاية ما يكون من الاحترام والاحتفال ، مما لم يشاهد مثله في فرنسا قط ، وحضر جنازته مليون من الخلق ومائة وخمسون ألفا من العسكر ، والملك وآله ، وجميع الأمراء والنبلاء والعظماء ، مع أن جميع أقارب نابوليون كانوا غيابا ، فمنهم من كان منفيا ومنهم من كان مسجونا. وكانت ولادة نابوليون في الخامس عشر من آب سنة ١٧٦٩ ، وقد صار هذا اليوم عيدا تتخذه الدولة في كل سنة. وكانت وفاة نابوليون في الخامس من شهر مايو سنة ١٨٢١ في تلك الجزيرة ، ولم يخلّف إلا ولدا ولد له في سنة ١٨١١ ولقّب أولا ملك رومية ، وفي سنة ١٨١٥ لقّب إمبراطورا باسم نابوليون الثاني ، مع أنه لم يكن وقتئذ في فرنسا لأنه نقل في الحادثة التي وقعت قبلها إلى بلاد أوستريا ، وبقي هناك إلى أن مات وذلك في سنة ١٨٣٢ ، والفرنساوية يحجّون إلى قبر نابوليون كحجّ المسلمين إلى الكعبة.