والإقدام ، وأوّل ما استولى عليه من الجزيرة عند محاصرته المسلمين بها برج صانت المو ثم قوي عليهم وأخرجهم منها. قال المؤلف : ثم خلفه باولودل مونتي فأتمّ بناءها في الثامن عشر من أيار ، وذلك في سنة ١٥٧١ وقبل بنائها كان مقام الزعماء المنتسبين إلى طريقة مار يوحنا في برملة والبرغو بشرقي فالتة ، ويقال للثانية فيتوريوزا أي المنصورة ؛ لحرب انتصر فيها أهل مالطة على المسلمين وذلك في سنة ١٥٥٦. قال : وفي ضواحي هذه المدينة قرية اسمها الفلوريانة ، وهي أعمر جميع قرى الجزيرة ، وجملتها أربع وعشرون قرية ، وهي جديرة بأن تسمّى أمصارا لكثرة سكّانها ، وحسن بنائها ، وكنائسها.
وعدد أهل الجزيرة كلّهم نحو ١٢٠٠٠٠ نفس ، ولفالتة مرسيان أحدهما كبير يعدّ من أعظم المراسي وذلك لسعته عدّة بوارج مع الأمن ، ولكونه في وسط بحر الروم فمن ثم كانت الجزيرة بهذا الاعتبار أعظم محل للتجارة على أن تلك المخازن العديدة والشؤون (١٣) الرحيبة المبنية عند هذا المرسى تغري الظاعن والمقيم بتعاطي التجارة فيها ، والثاني صغير وهو مرسي المراكب التي ترد من البلاد المشوبة بالوباء ، ويقال له مرسا مشطو محرّفة عن مرسى الشّط. أمّا هواء الجزيرة فالغالب عليه الاعتدال غير أن أرضها صخرة لا تصلح من أصلها للحرث ، ومع ذلك فإن السنبلة الواحدة تخرج في تربتها التي ليست بالطيّبة ولا الرديئة ست عشرة سنبلة أعشرين ، وفي عام الخصب ثماني وثلاثين ، وفي الجيّدة إحدى وستّين. وأخصّ أصناف غلالها التي يتّجر بها القطن ، وقد يبعث منه إلى جهات مختلفة في أوربا مقدار جزيل إلا أن بخس ثمنه رغّب الأهلين عنه إلى غيره ، فصاروا يصرفون همّتهم في تربية التوت فإن فيه نفعا كبيرا ، وقد علم بالتجربة أنّه يتحصّل منه حرير أعلى من حرير إيطالية ـ قلت وقد علم بالتجربة أيضا أن دود القز لا يعيش في هذه الجزيرة والمؤلف إنّما كتب هذا عند الشروع في تربية التوت قال : وفي هذه الجزيرة تنمو الأشجار المثمرة لأصناف الفاكهة الطيبة كالرمان والتفاح والعنب والإجاص ، وأعظمها الأترج.
__________________
(١٣) وردت في الطبعة التونسية : الشون ، وهي جمع شونة أي مخازن الغلال ، وهي أقرب إلى الصواب. (م).