الجريدة الرسمية
للحكومة التونسية آنذاك. وفي تونس أعلن الشدياق إسلامه ، وسمّى نفسه أحمد فارس
الشدياق في الوقت الذي ذاع فيه صيته في الشرق والغرب على السواء ، ممّا حمل
السلطان العثماني عبد المجيد على استدعائه من تونس إلى الآستانة ؛ فاستأذن الباي
قاصدا عاصمة الخلافة العثمانية ، حيث قوبل بالتّرحاب من قبل كبرائها ، ثم أسند
إليه تصحيح المطبوعات الرسميّة للدولة العليّة.
وفي سنة ١٨٦١ أصدر
من الآستانة جريدته الأسبوعية «الجوائب» ، فاحتلت مكان الصدارة بين الصحف العربية
آنذاك ، مثلما أحرزت مكانة مرموقة لدى الأوساط الصحفية والسياسية في الغرب ، فنقلت
عنها كبريات الصحف الغربية رأيها في سياسة الشرق وأحواله؟ لذا عدّت لسان حال
السياسة الشرقية الناطق في عاصمة الخلافة العثمانية. هذا إلى جانب كونها منبرا
لكبار أدباء العصر ومفكّريه من أمثال : الازجي ، والشرتوني ، ورشيد الدحداح ،
وبطرس البستاني ، وسواهم من أعلام القرن التاسع عشر.
وظل الشدياق عاملا
في حقل التأليف والصحافة حتى سنة ١٨٨٤ حيث اعتراه ضعف في بصره حال دون متابعة
القراءة والكتابة.
وفي سنة ١٨٨٦ زار
مصر ، ولقي فيها حفاوة بالغة من قبل ساستها وعلمائها ، لكن مقامه فيها لم يطل ، فغادرها إلى الآستانة حيث وافاه
الأجل في العشرين من أيلول (سبتمبر) سنة ١٨٨٧ ، وكان لوفاته أثر كبير في حواضر
الشرق والغرب ، فرثاه الكبراء والعظماء ، ونقل جثمانه إلى لبنان عملا بوصيّته ،
ودفن بمقابر المسلمين في الحازميّة قرب بيروت.
وبعد : فإن ريادة
الشدياق لم تكن كلمة تقال في معرض التقريظ والمدح ، بقدر
__________________