آمين. وجاءني يوم السبت ثاني شوّال من ولدي كتاب ، صورته : ما روضة تدفقت أنهارها ، وأينعت (١) أزهارها ، وكساها الحيا سندسي الأثواب ، ونسج عليها الصبا أحسن جلباب ، وفككت منها الجنوب أزرار الورود ، فهتكت منه أستار الكبود ، بل ما صدح العنادل (٢) فوق الخمائل ، وتغريد البلابل لدى الأسحار والأصايل ، بأحثّ من سلام يهدى من محله إلى أهله ، ويبلغ بلوغ الهدى الواجب إلى محله ، ناف على النيرين إضاءة وبهرا ، وسما على الفرقدين مكانة وقدرا :
سلام لو تمثّل كان درا |
|
وياقوتا يقلب باليدين |
«١٤٠ أ»
على من عنده روحي وعقلي ومسكنه سواد المقلتين سلام مزفوف بالتحيات ، محفوف بالدعوات ، بأن يديم الله سيدنا المقتدى بآثاره ، المهتدى بأنواره ، إمام محراب العلوم ، مالك أزمة المنثور والمنظوم ، أعلم من قضى وأفتى ، وأفضل من تفرد في جميع العلوم ، فدعا ابن الأثير (٣) دونه في الأثر ، وانفرد بصحة الرواية فمسلم (٤) له صحة الخبر ، وجنى ثمار البلاغة فسدّ على ابن الجوزي (٥) طرق المجاز ، وقطف أزهار البراعة ففتح على ابن معين باب
__________________
(١) هكذا في ب ، وفي أ: انبعت.
(٢) جمع عندل ، وهو العندليب.
(٣) يشبهه بابن الأثير ، وهو اسم عرف به ثلاثة من كبار الأدباء والمنشئين ، هم مجد الدين المبارك صاحب ، (النهاية في غريب الحديث) و (جامع الأصول لأحاديث الرسول) ، وضياء الدين نصر الله صاحب (المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر) والمؤرخ عز الدين علي ، صاحب (الكامل في التاريخ) و (اسد الغابة في معرفة الصحابة) و (اللباب).
(٤) يريد مسلم بن الحجاج المتوفى سنة ٢٦١ ه / ٨٧٥ م) صاحب (الجامع الصحيح) ، أحد الصحيحين المعول عليهما عند المسلمين.
(٥) يريد عبد الرحمن أبا الفرج ابن الجوزي ، المؤلف الواعظ صاحب المؤلفات الكثيرة ، وقد تقدمت الإشارة إليه غير مرة.