في إيضاح المشكل ، وتبيين الموضوع الغامض المعضل ، ومحق المدبر عن الدين ونصر المقبل ، ما دام يروي مسلم صحيح البخاري.
وبعد ، فقد وقفت على شرح البخاري المسمى بالفيض الجاري فألفيته قد جمع فأوعى ، وحيصل (١) على الإيضاح واستدعى ، تأبط جميع شرح الأول ، وزاد في كشف المشكل وإيضاح المجمل ، فإذا هو الجامع الكبير في الترجيح ، ومشكاة المصابيح في الجامع الصحيح ، أومضت بروق تمييز الروايات من خلال المباني فهي لوامع بوارق ، وسطعت (١٣٨ ب) الداريات من آفاق المعاني فهي لها مشارق ، فلعمري إنه الفيض الجاري ، ولا غرو لأنه فتح الباري ، وطئت مقاصده فكان الموطأ ، ولا يشك مسلم بأنه كشف عن البخاري المغطى ، فيحق لي أن أنشد فيه بعض ما فيه : كيف ومؤلفه الذي نظم تعبيراته في سمط التحقيق ، وحبّر في تحريراته حبر (٢) التدقيق والتنميق ، شيخ البسيطة على الإطلاق ، وزين الشريعة بالاجماع والاتفاق ، (١٣٩ أ) ثالث الشيخين على اصطلاح الفريقين ، حكم كتابه بأنه ألحق الأوائل بالأواخر ، وقضى بأنه كم ترك الأول للآخر ، علامة المعقول والمنقول ، فهامة الفروع والأصول ، جمع الفنون العديدة فانحازت إليه ، وحرر التصانيف المفيدة فكان معول الجمهور عليه ، فإذا الواجب على ما تحرر أن أنشد فيه بعض ما حضر :
زفّ الحسان من البخاري جهرة |
|
كم مسلم في حسنها [منبهر](٣) |
ألا وهو الذي وضح الغوامض أتم إيضاح ، وأفصح (١٣٩ ب) عنها أظهر إفصاح ، الشيخ إسماعيل العجلوني ابن محمد جراح ، وفقه الله للإفادة ، ومنحه السعادة والسيادة آمين. اعلم أيها الناظر في هذا التقريض ، أن الشيخ حري بذلك إلا أنه لما كان يبالغ فيه ، يراه الإنسان دون ذلك بكثير ، وإلا ففي نفس الأمر له فضل باهر ، وصلاح ظاهر ، نفعنا الله به ،
__________________
(١) لفظ مأخوذ من قول المؤذن (حي على الصلاة).
(٢) جمع حبر وهو العالم.
(٣) زيادة يقتضيها الوزن والمعنى.