زاده ، لكني ما قيدتها في المسودة لضيق الوقت ، مع أن غالبها مشحون بالسجع البليغ ، والنظم الحسن.
وكتبت كتابا إلى حلب لسيدى الشيخ محمد الطرابلسي ، وصورته : تحيات دلت بالمطابقة على الاتحاد ، وتضمنت وجوب مراعاة الوداد ، تلازمها أشواق كلية الإيجاب ، سالبة الذهول عن ادّكار (١) الأحباب ، لا يقاس عليها إذ لم يقارنها في المحاكاة قياس اقتراني ، ولا يشذ فذ عنها لشمولها ، فأين القياس الاستثنائي ، تقدم بين يدي مصدر (٢) الأفعال الصحيحة السالمة عن الإعلال ، المجردة عن نقص الجهل ، فهو المرفوع على منصة التميز في كل حال ، نصب نفسه للإفادة ، فانخفضت بالإضافة إليه وقائع (١٢٨ أ) الأحوال ، العالم الذي جمع علماء العصر تحت لوائه ، والفاضل الذي اهتدت الفضلاء بنور تحقيقه وضيائه ، فلو أدرك عصر التفتازاني ، والشريف السيد الجرجاني ، لما شاع ذكرهما في الأقطار ، بل كان هو الحري دونهما بالاشتهار ، ينشدنا لسان حاله وهو الصادق ، وإن كان لسان مقاله ليس بناطق :
علامة الدنيا على الإطلاق ، وفهامة ما تحت الخضراء بالاتفاق ، علامة العلماء ، واللج الذي لا ينتهي ، ولكل لج ساحل ، شيخنا العلم المفرد ، والجهبذ الأوحد ، الشيخ الجليل السيد محمد ، لا زالت أظلة رفادته على الطالبين ، وريفة ، وأعلام تقريراته شامخة سامية منيفة ، أما بعد فيا أيها العالم الذي لا يجارى ، والحبر الذي لا يناوى ولا يمارى ، إن الأشواق زفيرها ، تأجج ، وسعيرها تضرم وتوهج ، لم تألف جنوبي المضاجع ، منذ (١٢٧ ب) نفدت من عيوني المدامع ، شوقا إلى تلك الربوع الزاهرة ، ونزوعا إلى تلك المغاني التي هي بالمسرات والافراح مغمورة عامرة.
فلله درها من بلدة لا عيب فيها سوى أن الغريب ينسى أوطانه ، ولا وصم فيها سوى أن
__________________
(١) في ب (اذكار).
(٢) في ب (المصدر).