سرور ، [في] عمري قط ، مثلما يحصل لي سرور بمحبتكم ، وكل ليلة يعيّن لنا قريبة الشاب الصالح العابد الناسك الأواه (١) ، سيدي الشيخ عبد الله ، فيأتي نحو باب الجامع ، ويؤكد علينا بالمجيء إلى الدار ، حتى إنا إذا أبطأنا يتألم كثيرا ويعاتبنا ، ويقول : والله ، ثم والله! إني إذا لم أركم تنقبض نفسي ، وتضيق (١٢٧ أ) بي الدنيا ، ولكم إذا جئتم عليّ منة عظيمة ، حيث إن الله وفقني لخدمتكم ، وهو ـ حفظه الله ـ تغرب كثيرا ، وجاب البلاد ، فكل ليلة يسامرنا وينقل لنا الوقائع الغريبة ، والحوادث العجيبة ، حتى يمضي من الليل ثماني ساعات ، ولم يزل هذا دأبنا ودأبه إلى أن خرج الحاج ، حتى والله إني أعد بيته أحسن من بيتي ، وإكرامه أحسن من إكرام أولادي ، فلم يزل يشهينا بالأطعمة الفاخرة حتى تأنست في بيته ، بحيث إنا ننام بعد أن نصلي الفجر إلى أذان الظهر ، كأننا في بيوتنا ، متقيد علينا بكل ما نحتاجه حتى غسل ثيابنا ، ويخدمنا بنفسه ما عدا خدمة ولده السعيد النجيب سيدي محمد آغا ، أنشأه الله على الأخلاق الحميدة ، والنعوت الجليلة السديدة ، وجعله سعيدا ذا إقبال وافر ، وسعد ظاهر زاهر ، وأمد الله في حياة الجميع ، وحصنهم بحصنه الحصين المنيع ، فوالله لو انفقت عمري ما أستطيع مكافأته ، بل ولا العشر منها ، فالله تعالى يكافئه ويجازيه (٢) ويعافيه ، وكذلك أخو زوجته الشاب الصالح سيدي الشيخ عبد الله حفظه الله وأبقاه ، فإنه ـ والله ـ خدمنا خدمة ما خدمني بها أولادي (١٢٧ ب) ، مع مودة ومحبة ولين جانب ورقة طبع ، جعله الله من السعداء ، ومنحه النعم الوافرة ، وسوابغ الآلاء ، آمين ، وكتبت منها (٣) عدة كتب ، كتابين لولدي وأهلي ، وكتابا لحسين بك ، وكتابا إلى الحاج محمد هاشم ، وكتابا للسيد يونس الأدهمي ، وكتابا لعبد الله آغا ميرو زاده ، وكتابا لأولاد عجمي
__________________
(١) الأواه ، لغة ، الكثير التأوه ، واصطلاحا ، صفة شاعت في القرون المتأخرة ، تطلق على الصوفية غالبا ، ويراد بها الرجل الذي تتحسر نفسه عن الدنيا ، فيتأوه مخافة الآخرة.
(٢) في ب (يجزيه).
(٣) أي : كتب من دمشق.