الفجر ، ولم نزل نمشي بين أشجار الزيتون نتفيأ ظلاله ، ونحن ذاهبون خلاله مقدار خمس ساعات. ثم مشينا بين أشجار السنديان والبطم أربع ساعات فكأننا في بستان إلا أنا منذ فارقنا شجر الزيتون وقعنا في طريق وعر ضيق كثير الجنادل ، لكنا لم نجد نصبا لاشتغالنا برؤية الأشجار والتفرج فيها.
[معرّة النعمان]
فدخلنا يوم الخامس عشر من الشهر معرّة النعمان (١) ، وهي بلدة غير مسوّرة ، فيها أسواق ، وحمّام ، وجامع كبير في أحسن ما يكون من العمارة ، وله منارة رفيعة عجيبة حسنة البناء مربعة ، أضيفت إلى النعمان بن بشير الأنصاري (٢) ـ رضي الله تعالى عنه (٣) ـ فإنه تديرها فنسبت إليه صليت (٤) فيه العصر ، واعتكفت «١١٣ أ» فيه نحو ساعة.
ويتّصل بالبلد المذكور خان من أحسن الخانات (٥) رفيع البناء ، محكمة سطوحه ، مغشيّة بصفائح الرصاص ، وفي وسطه قسطل ماء لأبناء السبيل ، وفي وسطه مسجد ذو قبّة شاهقة مطلّية أيضا بالرصاص ، وله طاقات ورواقات في جميع دوره لأبناء السبيل ، وله باب رفيعة (٦) ملبّسة بالحديد ، مكتوب على طاقها في الحجر :
__________________
(١) وصف البلدانيون العرب المعرة بأنها «بليدة» وقالوا إنها كثيرة الماء والزيتون (القزويني : آثار البلاد وأخيار العباد ص ٢٧٢). وعدّت بحسب التقسيمات العثمانية المبكرة في القرن العاشر للهجرة (ق ١٦ م) لواء مستقلا من ألوية إيالة حلب. وهي اليوم مركز قضاء في محافظة ادلب في سوريا.
(٢) هو الصحابي النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري ، من أهل المدينة ، ولاه معاوية بن أبي سفيان قضاء دمشق ، ثم ولاه اليمن ، فحمص ولكن انضمامه إلى عبد الله بن الزبير أدى إلى قتله سنة ٥٦٥ / ٦٨٤ م. الطبري : تاريخ ج ٢ ص ٤٠١ وج ٤ ص ٤٦٢ ، ٤٣٠ وج ٥ ص ٥٣١ ، ٤٨١ ، ٣٥٩ ، ٣٢٩ ، ٣٢١ ، ١٣٣ ـ ٥٣٩ وج ٧ ص ٢٤٨ ، ٢٤٤ ، وابن الأثير : أسد الغابة ج ٥ ص ٢٢ وغير ذلك.
(٣) في ب لا توجد (تعالى)
(٤) في ب (وصليت).
(٥) سقطت من ب (أحسن الخانات)
(٦) في ب (رفيع البناء).