[خان تومان]
وكانت مرحلتنا خان تومان ، على ثلاثة فراسخ من حلب. وهو خان محكم رفيع. قيل : إن امرأة اسمها تومان بنته ، وحوله ضيعة عامرة ، وهو على كتف نهر حلب المسمى بقويق ، نزلنا قبل المغرب. ومن رفقائنا الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ حسين الموصلي الإمام بالجامع الجرجيسي. وكان إسماعيل آغا (١) ـ حفظه الله ـ أوصى بتعهدنا وإكرامنا في الطريق سيدي الحاج مصطفى ابن المرحوم بكداش الحلبي ثم الدمشقي.
[سرمين]
وتليها مرحلة سرمين ، بوزن غسلين ، وهي قرية كبيرة غير مسورة (٢) ، يحيط بجوانبها أشجار الزيتون ، وهو كثير في الغابة. وفيها يعمل الصابون ، وفيها جامعان ، دخلت أحد هما واعتكفت فيه نحو ساعة ، وجمعت فيه بين الظهر والعصر جمع تقديم. وفيها منارة أخرى خارج القرية قدر غلوة سهم تدل على أن هناك جامعا لكنه خرب واندرس. وأهلها يشربون ماء المطر يحفظونه (٣) (١١٢ ب) في الآبار ، وآبارهم لا ينبع منها ماء لبعد غوره جدا ، حتى إني سمعت من يقول إنهم حفروا وأمعنوا في التعميق فلم يجدوا ماء. ومن مبالغتهم أن أهل سرمين أمعنوا في التعميق إلى قرن ثور الأرض ، فنودوا : ما في هذه ماء فاتركوا الحفر! (٤). وهي قرية ليست (٥) مأنوسة ولا أهلها أهل أنس ، والمسافة تسعة فراسخ. ورحلنا منها بعيد
__________________
(١) يريد إسماعيل آغا ابن ميرو وقد تقدم.
(٢) تقع سرمين إلى الجنوب الغربي من حلب ، بمسافة ٥٠ كم عنها ، ذكر ياقوت (معجم البلدان ج ٣ ص ٢١٥) أنها بلدة مشهورة من أعمال حلب. وقد خربت البلدة القديمة منذ عهد بعيد ، شمس الدين سامي : قاموس الأعلام ج ٤ ص ٢٥٥٤
(٣) في النسختين (يجففونه) والصواب ما أثبتناه.
(٤) وصف القزويني البرية الكائنة بين حلب والمعرة «برية معطشة أعز الأشياء عن أهلها الماء ، ذكر أنهم حفروا ثلاثمائة ذراع لم ينبط لهم ماء ، وليس لها إلا ما يجمعونه من مياه الأمطار .. ومن العجب إقامة جمع من العقلاء بأرض هذا شأنها» (آثار البلاد وأخبار العباد ص ٢٤٨).
(٥) في أكتب فوق (ليست) كلمة (غير).