رجعتي إلى حلب ، فيا ليت أني لم أعد إليها لأبقى سالم الصدر ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ـ من ذا الذي ما ساء قط ، من ذا الذي ترضى سجاياه كلها ـ على أني اختبرت أهل حلب بأن العالم متى ما تكبر عليهم ولم يسلم لهم استمروا على توقيره وتعظيمه (١١١ ب). ومتى ما سلك معهم المسالك المحمودة ، وسلم لهم ، أو استعمل لين الجانب ومكارم الأخلاق ، وأخذ معهم بهدي السلف العلماء قلوه وملوه وقاطعوه وهجروه ، فهم عكس أهل دمشق الشام ، نعوذ بالله من ردي الأحوال في الأخلاق والأعمال ، آمين. وخرجنا من حلب يوم السبت الثالث عشر من شعبان (١) بين الصلاتين.
وممن خرج لوداعنا من أهل حلب سيدي الشيخ محمد الطرابلسي ، وسيدي الشيخ طه الجبريني ، وسيدي حسين الديري ، وسيدي الشيخ عبد القادر الديري ، وسيدي عبد الكافي ، والشيخ محمد العقاد ، والسيد محمد الخاص السرميني ، والشيخ حسن ، والشيخ سليم. وأما الشيخ عبد الكريم الشراباتي والشيخ عبد الغني المقدسي فقد وادعانا في دار الحاج محمد. واستجاز الشيخ عبد الغني رواية الحديث فأجزته. وممن وادعنا من أكابرها الحاج إسماعيل آغا ميرو زاده (٢) وابن أخيه عبد الله آغا ، وسيدي الحاج محمد وأولاده ، وسيدي الكبير السيد طالب البصري الرفاعي (٣) ، والسيد محمد الطرابلسي خرجوا لوداعنا مقدار فرسخ ونصف على ظهور الخيل. ولما فارقنا حلب المحروسة أذّن خلفنا السيد عبد الكافي.
__________________
(١) الموافق ٢١ ايلول (سبتمبر) سنة ١٧٤٤ م.
(٢) في ب (مير زاده).
(٣) لم يشر إليه من قبل ، وهو السيد طالب بن إسحاق بن طالب بن يعقوب بن شعبان بن محمد درويش بن حسن بن حسين بن يوسف عز الدين بن السيد رجب الكبير ، من ذرية العارف بالله السيد أحمد الرفاعي ، تولى نقابة أشراف البصرة بعد أن انحصرت بأسرته منذ قرون ، وتوفي سنة ١١٧٥ ه ودفن في تربة جده محمد درويش المذكور. وهو جد السيد طالب باشا النقيب أول وزير داخلية في تاريخ العراق المعاصر. ينظر يوسف زاده علي بن سليمان : الدر المنضد في مناقب السيد أحمد وولده الممجد ، القاهرة ١٣٢٤ ، ص ٨