مكة المكرمة ، المدينة المنورة ، البصرة
، الكوفة ، بغداد ، الموصل ، النجف الأشرف ، القاهرة ، الشام ، إشبيلية ، غرناطة ،
القيروان وتونس.
كان بعض هذه المدارس كياناً مستقلاً ،
وبعضها كان أمتداداً للمدارس الأم. إذ كانت النشأة مختلفة في جملة من المجالات ،
فالأصل دون نزاع المدرستان العراقيتان العريقتان في البصرة ، تأسست في العام
الخامس عشر الهجري ، وفي الكوفة تأسست في العام السابع عشر الهجري ، وبدأ العطاء
العلمي فيهما مع التأسيس حتى البناء المتكامل.
مدرسة مكة أندر عطاء ، ومدرسة المدينة
أكثر حيوية ، ومدرسة البصرة أوسع مادة ، ومدرسة الكوفة أغلى قيمة ، وأعظم شهرة ،
فمولد الاسلام في مكة ، وترعرعه في المدينة ، ونشأته الحضارية المتحفزة في كل من
البصرة والكوفة.
حقاً لقد كانت نصيب العراق العلمي
والتأسيسي غنياً في هذه المسيرة الأكاديمية المتطورة ، فبعد البصرة في إزدهارها ،
والكوفة في عطائها ، زهت مدرسة بغداد التراثية على يد ابن قتيبة ( ت : ٢٧٦ ه ) ،
في العصر العباسي الأول ، وتأسست مدرسة النجف الأشرف على يد الشيخ الاكبر أبي جعفر
الطوسي ( ت : ٤٦٠ ه ) في العصر العباسي الثاني ، وتبلورت مدرسة الموصل الحدباء
بجهود ابنا الأثير مجتمعين لا سيما ضياء الدين ( ت : ٦٣٧ ه ) في أواخر الدولة
العباسية. وأعطت كل مدرسة ثمرات أوراقها في النحو وعلوم القرآن والتفسير واللغة
والنقد والأدب والفقه والأصول والبلاغة والفلسفة والترجمة ، والتأريخ والجغرافيا ،
والببلوغرافيا ، والكيمياء ، والجبر والفلك والهندسة والطب وعلم الأصوات والايقاع
الموسيقي وغيرها.
وهذه مفردات علمية هائلة يحتاج النهوض
فيها إلى جمهرة من العلماء والباحثين والمهرة والطلاب وشيوخ الصناعة في كل فنّ ،
رؤساء الجامعات في العصر الحديث أدرى بحجم هذه المفردات وأوعى لمشكلاتها ، وأعلم
بدلائلها الموسوعية.
وكان الأزهر في القاهرة ، والشام في كل
من : بيت المقدس ودمشق وحلب الشهباء ، وجامع الزيتونة في تونس ، والقرويين في
المغرب ، مدارس سيارة لفنون العرب والاسلام.