وهذا بحد ذاته يشكل بعداً عالمياً
لقيادة أهل البيت عليهمالسلام
، إذ يتحدث بها القرآن في بعده العالمي عن الناس كافة لدى الجمع الاستيعابي
للبشرية على صعيد القيامة.
المحور
الرابع : بقي أن نبتعد بك عن المناخ الجدلي
والاحتجاجي في عالمية القرآن إلى المناخ الكوني العام في عالميته التي لا تحد ولا
تحتجز بل تمتد وتتسع لتشمل الأفاق والمشارق والمغارب ، والأبعاد الفضائية ،
والمسافات الكونية الهائلة التي قد يعجز البشر عن الاحاطة بكثير من معاييرها
الدقيقة.
١ ـ فحينما يريد أن يقرب القرآن تصور
البعد بين الحقيقتين المحسوستين إدراكاً يحدد ذلك بأطول مسافة يدركها الحدس العلمي
فيقول : ( حَتَّىٰ إِذَا
جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ المَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ
الْقَرِينُ (٣٨) )
الزخرف / ٣٨. فالمراد هنا أما أن يكون بعد مشرقي الشمس والقمر ، أو بعد مشرقي
الشمس في الصيف والشتاء ، وكلاهما مقاس في الفضاء ، ولكنه غير معروف لدى أهل الأرض
جميعاً ، وإنما هو معروف لدى المتخصصين بالبعد الفلكي أو المسح الأرضي ، أما إذا
أعتبرنا تلك المسافة إنما تقاس على سطح الأرض ، فيقتضي الأمر أن يراد بها جزئَي
الكرة الأرضية ليلاً ونهاراً ، فالمشرق يكوّن بعده نصف المسافة والمغرب يكوّن
النصف الآخر ، بمعنى حدوث المشرق في نصف الكرة الأرضي وحدوث غروبها في النصف الآخر
، وهو ما يعتبر لكل منهما نصف محيط الأرض ، فما كان ليلاً كان النصف الأول وما كان
نهاراً كان النصف الثاني.
٢ ـ وحينما يريد القرآن أن يعطي القوة
غير المحدودة في تفصيلات الأبعاد الهائلة غير المحسوبة فإنه يقول : ( فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشَارِقِ
وَالمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ
(٤٠) ) المعارج / ٤٠. فالشمولية بهذا القسم
العظيم تمتد لتتسع لمشارق الأرض ومغاربها ، ومشارق القمر ومغاربه ، ومشارق الشمس
ومغاربها ، ومشارق الكواكب ومغاربها ، ومشارق النجوم ومغاربها ، وكلما يمكن تصوره
في الوجدان مما له مشارق ومغارب في كل الأفلاك مما يقتضي عالمية التصوير للعوالم
كافة في أبعادها الحسابية