عصره السحر ، فأتاهم
من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله ، وما أبطل به سحرهم ، وأثبت به الحجة عليهم
، وأن الله بعث عيسى عليهالسلام
في وقت قد ظهرت فيه الزمانات واحتاج الناس إلى الطب ، فأتاهم من عند الله بما لم
يكن عندهم مثله ، وبما أحيا به الموتى ، وأبرأ الاكمه والأبرص بإذن الله ، وأثبت
به الحجة عليهم.
وأن الله بعث محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب
والكلام ـ وأظنه قال : الشعر ـ فأتاهم من عند الله من مواعظه وحكمه ما أبطل به
قولهم ، وأثبت به الحجة عليهم ؛ قال : فقال ابن السكيت : تالله ما رأيت مثلك قط ،
فما الحجة على الخلق اليوم ؟ فقال عليهالسلام
: العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه والكاذب على الله فيكذبه ؛ فقال ابن
السكيت : هذا والله هو الجواب .
ولم يكن الأنبياء ليستعملوا الطريق
الطبيعي في المعجز ، وإنما كانوا يتحدون هذا الطريق ، فموسى تحدى سحر السحرة ( وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ
(١٢٠)
قَالُوا
آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ
(١٢١)
رَبِّ
مُوسَىٰ وَهَارُونَ (١٢٢) )
فكان إعترافهم بصحة دعوى موسى دليلاً على إعجازه ، لأن ما جاء به ليس من سنخ ما
يعرفون.
وعيسى لم يستعمل مضادات الأمراض ،
وإعطاء الدواء ، فيحقق سبقاً طبياً ، وإنما كان يبرئ الاكمه والأبرص ويحيي الموتى
بإذن الله دون وسائل الأطباء والرسول الأعظم لم يصك العرب ببلاغة القرآن ، إلا
لأنهم أئمة البلاغة وأرباب البيان ، ولكنه من الله : (
وَلَوْ
تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ
(٤٤) لأَخَذْنَا مِنْهُ
بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ
(٤٦) ) .
فكله من عند الله ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَىٰ
(٣) إِنْ هُوَ إِلاَّ
وَحْيٌ يُوحَىٰ (٤) )
قال الجاحظ ( ت : ٢٥٥ ه ) « ولأن رجلاً من العرب لو قرأ على رجل من
__________________