ست وأربعين وسبعمائة ـ سعى في عزل قضاتهم. فنودي في شوارع المدينة بتبطيل أحكامهم والإعراض عن حكامهم ، فكان ذلك أول أسباب قوة أهل السنة وإخماد البدعة وعلو أمرهم وكم له من حسنات في تمهيد إعزاز السنة وإخماد البدعة ، وله تواليف في أنواع شتى ، منها : «الدر المخلص من النقص والمخلص» ، جمع فيه بين أحاديث الكتابين ، وشرحه في أربع مجلدات سماه : «كشف الغطا في شرح مختصر الموطأ» وهو شرح عظيم ، وشرح : «مختصر التفريع» لابن الجلاب البيلي. سماه «كفاية الطلاب في شرح مختصر الجلاب» ، وله : «شرح قواعد الإعراب» لابن هشام ، و «نهاية الغاية في شرح الآية» أسئلة وأجوبة على آيات من القرآن و «العدة في إعراب العمدة» يعني عمدة الحديث ، جمع فيه وجوه الإعراب واللغة والاشتقاقات ، وسلك فيه مسلكا غريبا لم يسبق إلى مثله وهو آخر ما ألف ، وقرئ عليه يسيرا ، و «التيسير في محكمي البناء والتغيير» في النحو و «المسالك الجلية في الفوائد العربية» و «شفاء الفؤاد في إعراب بانت سعاد» ، وكتبه كلها في غاية الجودة والإتقان ، ولما أحسّ بالمرض أمر بحفر قبره وبصدقة واسعة على الفقراء فرنا تصرف عليهم غلته في كل يوم ، واعتق في حياته عدة عبيد وإماء ، وكان له خادم في الحرم تقرب بخدمته للضريح النبوي ، وكان مطمئن النفس بلقاء الله عزوجل ، مستحضرا لما ينبغي استحضاره ولما دخل في السياق ذكرته فقال : ما أنا غافل ، وشبيه هذا الجواب : ما وقع للتاج الفاكهاني ، حين تشهد صهره الفقيه ميمون بحضرته ـ فإنه فتح عينيه وأنشد :
وغدا يذكرني عهودا بالحمى |
|
ومتى نسيت العهد حتى أذكرا؟ |
وقد ترجمه المجد. فقال : أول من رأيته ووقع نظري عليه من أهل العلم بالحرم الشريف. وذلك في حوالى الخمسين والسبعمائة ، فشاهدت منه طود وقار وعلم لا يهتدي إلى تياره احتقار وغزارة فضل للناس إلى مرى مريا مرية افتقار ، ووقارة حشمة ورياسة وأدب دون نصيف من مدها الأحمال والأوقار ، ناب في الحكم سنين عديدة وعقيدة عوارفه لجميع الناس عبيدة ، إليه يشار في حفظ الأواخر وعليه بادئ بداءة الخناصر ويغضب لدين الله ونصره حيث لا معين ولا ناصر ، طنت بذكره البلاد من اليمن إلى العراق ومن أم خنور إلى خناصر وحنّ كل إلى لقاء ما شاع عنه من غزارة الفضل وطيب العناصر ، وأنشد له قصيدة طويلة وعقبها بأنه أعقب أولادا أحيوا ذكره بالمآثر ، ورفعوا لأقدامهم منابر المفاخر ، وتولى كبيرهم منصب الحكم استقلالا ، وباشر مباشرة قال لها لسان الحال : هكذا هكذا وإلا فلا لا ، وقد ذكره الولي العراقي في وفياته لكن في سنة سبع وستين ، وهو غلط في تقديم السين ، وذكره شيخنا في درره ، وقال : الأندلسي الأصل بدل التونسي.