فحزن لفقدهما حتى كاد يفنى لفنائهما ، وقال المجد : الشيخ أبو عبد الله الأقشهري ثم الأخلاطي ، الشيخ أمين الدين ارتحل من بلاد الروم إلى بلاد المغرب في شبابه ، وتجرد لالتماس العلم وطلبه وطلب الفضل والأدب من أبوابه ، وطاف في أقطار الأندلس وجال ، ولقي من أهل العلم فحول الرجال واقتبس من أنفاسهم وأنس من ناموسه نبراسهم وتعلم من تبيانهم وتكلم بلبانهم وتأسى بإنشائهم ، فتح الله عليه في خدمة الحديث بابا ، سهل عليه مدخله ، فعلم الحديث وتدوينه محطه ومرحل ، صنف فيه تصانيف ، وجمع وألف فيه تآليف ونفع ، وكان مترددا بين الحرمين رافعا من شرف جوارهما علمين ، ثم أنه اختار بالآخرة مجاورة المدينة ، ورزقه الله من اليمنيات خليلة مدنية ، فأحبت الشيخ ، واختارت على الدنيا جتاية ، وأتت منه ببنتين فسماهما طيبة وطابة ، فأحبهما (١) ...... واسترغد بهما البشر واستطابه ، ثم إنهما توفيتا في حياته ، وسلبتان ضوايانه (٢) وصفا (٣) ...... ، وحزن بفقدهما إلى أقصى غاياته .. توفي عام تسع وثلاثين وسبعمائة ... انتهى ، والروضة المشار إليها ... هي الروضة الفردوسية والحضيرة القدسية فيها تعيين من دفن بأشرف البقاع وسفح البقيع من المدينة وما حولها ، من السابقين الأولين والشهداء الصالحين ، وهي على أبواب خمسة الأول : في حكم الزيارة وكيفيتها ومعناها ، وفيه فصول : الأول في زيارة قبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والثاني : في كيفية الصلاة والسلام عليه وعليهم ، والثالث : في زيارة أهل بيته وأولاده وأقربائه والشهداء من الصحابة ، الثاني : في ذكره صلىاللهعليهوسلم وأبنائه وبناته وجداته وآبائه وأزواجه ومواليه وأقربائه مع الخلفاء الراشيدن ، الثالث : في ذكر الوقائع كأحد والأحزاب وقصة الحرة ، التي كانت سببا لوفاة الفضلاء بالمدينة النبوية ، من الصحابة ونحوهم ، الباب الرابع : في ذكر الصحابة المشهورين ، الباب الخامس : في ذكر من عرفت وفاته بالمدينة ، من غير الصحابة من العلماء والصلحاء ، وقال : إن الباب الثاني اشتمل على إحدى وخمسين نفسا ، والرابع على مائتين وأربعين صحابيا ، وجملة من شهد الحرة معنيا وغيره ستمائة ، وفي رواية عن الزهري أنه قال : من وجوه الناس من قريش والأنصار والمهاجرين ، ووجوه الموالي سبعمائة ، وممن يعرف من عبد وحر وامرأة عشرة آلاف نفر ، وكانت في سنة ثلاث وستين لثلاث بقين من ذي الحجة ، وانتهبوا المدينة ثلاثة أيام ، وولدت ألف امرأة بعد الحرة من غير زوج ، وانتهى من تواليفها في سنة ثماني عشرة وسبعمائة ، وقد حدث بها في المدينة النبوية ثم قرأها هو من لفظه بمكة في سنة ثلاث وثلاثين ، وقد استوفيناها لقراء ، ومن نظمه لما بلغه قول الصرصري في حريق المدينة :
أتينا الحجاز عشية |
|
وإذ الزخارف التي فيه محرق |
__________________
(١) كلمات غير واضحة بالأصل.