سلام ، ولد سنة خمس أو ست وخمسين وسبعمائة ، وحفظ القرآن والتنبيه وألفية ابن مالك ومختصر ابن الحاجب الأصلي ، وتفقه بالعلاء حجي ، وابن قاضي شهبة والحسباني وابن الزهري وغيرهم ، وأخذ الأصول عن الضياء القرمي ، وارتحل إلى القاهرة فقرأ على الركراكي ، وكان يطريه بحيث يقول : إنه يعرف أكثر من مؤلفه ، فاشتهر وتميز ومهر ، وكان يبحث في حلقة ابن خطيب ببرود فينتشر البحث بين الطلبة لكثرة تقيته وإشكالاته ، وأصيب في الفتنة الكبرى في ماله بل وفي يديه بالحريق ، وأسروه فصار معهم إلى ماردين ثم انفلت منهم ، وقرره النجم بن حجي في الظاهرة البرانية بعد وفاة أخيه ، ونزل له التاج الزهري عن العذراوية بمساعدة ابن حجي. ودرس بالركنية بعد خطيب بن عذرا ، وكان يحفظ كثيرا من الرافعي وإشكالات عليه وأسئلة حسنة ، ويقرىء في الفقه إقراءا حسنا وكذا المختصر ، وله يد في النظم والنثر والأدب ، ومع ذلك كله فكان بحثه أقوى من تقريره مع الاقتصاد في ملبسه وغيره ، وشرف النفس و، حسن المحاضرة ، ويطلق لسانه في جماعة من الكبار ، وينسب لنصرة مقالة ابن العربي ويتمحل لها تأويلات ، فإذا حوقق في أمره تبرأ من تلك المقالات ـ والله أعلم بغيبه ، واتفق أنه حج فلما انتهى من الحج والزيارة ، مات في وادي بني سالم ، وذلك في آخر ذي الحجة سنة تسع وعشرين وثماني مائة ، فحمل إلى المدينة ودفن بالبقيع ، وقد شاخ وغبط على ذلك ، قال شيخنا : وقد لقيته قديما بدمشق وسمعت من فوائده رحمهالله.
٣٠٤٥ ـ علي بن الزين عبد الرحمن بن حسين : المدني الشافعي ، أخو إبراهيم الماضي لأبيه ، ويعرف بالقطان ، وهو أفضل بني أبيه وأكبرهم محمد ثم صاحب الترجمة ثم البرهان ثم صلاح الدين مات مراهقا ، وأنجب محمد أولادا منهم عبد الله والد الزين عبد الرحمن أبي الشمس محمد ، سمع على الزين المراغي في سنة خمس عشرة وثماني مائة ، ثم قرأ على والده صحيح مسلم في رمضان سنة سبع وعشرين (ووصفه بالفقيه الفاضل الكامل ، ثم على المحب المطري الشفا في الأشهر الثلاثة من سنة تسع وثلاثين ، ثم صحيح مسلم في الأشهر الثلاثة من سنة إحدى وأربعين ثم البخاري في سنة سبع وأربعين) ووصفه بالفقيه الصالح العالم العامل ، ولازم النجم الواسط بن السكاكيني حتى قرأ عليه من أول المنهاج إلى الجراح قراءة بحث وإتقان وتدقيق معنى وإمعان ، سائلا عما فيه من المشكلات والمسائل الغوامض ، مع سماعه كذلك من النكاح منه إلى آخر الكتاب ، ومن أوله إلى الزكاة ، وجميع الملحة في النحو وتحفة الطالب فيه من تصانيف النجم ، وكتب له بذلك إجازة صدرها : بجوهرة العلماء السادة ودرة الفضلاء القادة ، مع وصف قراءته بما تقدم ، وأذن له إلى درك الحقائق مصارعة كالسيل الجاري في فسيح المجاري ، أو كالكوكب الساري في فلك الباري ، ثم أذن له