و (غيري) اسم كان و (سليمى) مناداة و (غيّره ، وما اتصل به) في موضع خبر كان. وقوله : (إلا الصارم (١)) وصف ل (غيري).
والمعنى أنه لو كان غيره من الأشياء في موضعه ، لغيّرته الحوادث ، إلا السيف فإنه لا يتغير ، فأنا مثل السيف في أني لا أتغير. على هذا فسّر. وقد يجوز أنه لو كان غيري من الأشياء لتغير كتغيري ، إلا السيف. يريد أن كل شيء يتغير بمرور الأوقات عليه إلا السيف الصارم. وهذا الوجه الثاني (٢) رأيت معنى الشعر يحتمله ، وليس ببعيد عندي.
قال سيبويه (١ / ٣٧١) : «ولا يجوز أن تقول : ما أتاني إلا زيد ، وأنت تريد أن تجعل الكلام بمنزلة (مثل) إنما يجوز ذلك صفة. ونظير ذلك من كلام العرب (أجمعون) لا يجري في الكلام إلا على اسم ، ولا يعمل فيه ناصب ولا جارّ ولا رافع».
أراد أن (إلا) إذا جعلت وصفا بمنزلة (غير) لا يحذف الموصوف قبلها كما يحذف في (غير) إنما تكون (إلا) صفة إذا تقدمها موصوف ، وشبه هذا ب (أجمعين) التي تكون توكيدا لشيء تقدمها ، ولا يجوز أن يحذف المؤكد معها ، وتدخل عليها العوامل ، كما تفعل ذلك في غيرها من ألفاظ التوكيد ، تقول : جاءني القوم كلّهم ، ورأيت القوم كلّهم ، ومررت بالقوم كلّهم.
ف (كل) في هذه المواضع توكيد ، فإن حذفت المؤكد وأدخلت العوامل
__________________
(١) ورد الشاهد في : النحاس ٨٣ / أوالأعلم ١ / ٣٧٠ والكوفي ٣٦ / أو ٢٢١ / أوالمغني ش ١٠٧ ج ١ / ٧٢ وشرح السيوطي ش ١٠٥ ص ٢١٨ والأشموني ١ / ٢٣٤
(٢) يؤيد هذا المعنى الثاني ما سبق البيت من أبيات عمد الشاعر فيها إلى تبرير ما بدا عليه من تغيّر بأنه ليس من الكبر بل هو فعل الحوادث.