وذكر بعد هذين
البيتين حاله وجلده وصبره إذا وقعت بينهم الحروب. وقوله : وزنذك أثقب أزنادها : أي
أنت أسرعهم عطاء ، وأكثرهم نوالا ، وأقلهم مطلا. ويقال : ثقب الزند : إذا خرجت
ناره. جعل سرعته بمنزلة سرعة قدح الزند للنار.
و (وجدت) في
هذا الموضع يتعدى إلى مفعولين ، والتاء قد قامت مقام المفعول الأول ، و (خيرهم)
المفعول الثاني و (زندك) مبتدأ و (أثقب) خبره ، والجملة في موضع نصب ، وهي معطوفة
على المفعول الثاني ، كأنه قال : وجدت خيرهم ، ووجدت زندك أثقب أزنادها ، والضمير
في (أزنادها) يعود إلى القبيلة ، يريد بها حمير قوم الممدوح.
ـ قال سيبويه (٢
/ ١٧٦ ـ ١٧٧) : «وقد يجيء (خمسة كلاب) يريد به خمسة من الكلاب ، كما تقول : هذا
صوت كلاب ، أي هذا من هذا الجنس ، كما تقول : هذا حبّ رمّان».
يريد أنه بيّن
العدد القليل بالجمع الكثير فقال : هذا يراد به خمسة من هذا الجنس ، لم يجىء به
لبيان العدد ، إنما أراد أن يذكر الجنس الذي منه العدد ، ولم يقصد أن يبيّن العدد
بجمع ، وفائدة الكلام بإبانة العدد بجمع ، وبإضافته إلى الجنس الذي منه المعدود ،
واحدة. وقوله : هذا صوت كلاب يريد أنه صوت هذا الجنس.
والفرق بين
قولهم : خمسة أكلب ، وخمسة كلاب ، أنك إذا قلت : خمسة أكلب ، فأكلب بيان للخمسة من
أي جنس هي ، وجئت ب (أكلب) وأكلب هي الخمسة. وإذا قلت : خمسة كلاب ، فكلاب ليست
بتبيين للخمسة ، وإنما (الكلاب) لفظ يعم جميع الجنس ، وجميع الجنس أكثر من خمسة.