مكان (مغرّبا) ، يراد به أنه يعجّل رواحها. والغبرات : جمع غبرة ، والضمير المضاف إليه (الغبرات) يراد به الأرض.
يريد أنه راحت الإبل وعلى آنافها غبرات الأرض ، وإنما جعل لها غبرات لأنها مجدبة لم تمطر بعد. ولو كانت مطرت ما بان لها غبرة.
مدح الأعشى بذلك قومه. يقول : إذا أجدب الناس ، أهنّا لها : أي للسنة المجدبة ـ أموالنا عند حقها ، أي عند ما يلزمنا من بذل الأموال ، وإعطاء السائل ، وقرى الأضياف. وعزّت بها أعراضنا ، أي عزت فيها ، في هذه السنة المجدبة أعراضنا. يريد أنهم صانوا أعراضهم في مثل هذه السنة ، أن يوصفوا بالبخل وبالتهاون بأمر الأضياف ورد السائل. وقوله : (لا نفاتها) أي لا يفوتنا صيانتها ، يريد لا نسبق بذمّنا قبل أن نسبق نحن بالعطاء.
ـ قال سيبويه (٢ / ١٧٦) : «واعلم أنه قد يجيء في (فعل) (أفعال) مكان (أفعل) ، قال الأعشى» :
فإن حمير أصلحت أمرها |
|
وملّت تسابي أولادها |
(وجدت إذا اصطلحوا خيرهم |
|
وزندك أثقب أزنادها) (١) |
يمدح بهذا الشعر سلامة ذا فائش الحميري. والتسابي : أن يسبي بعضهم بعضا. يقول : إذا اصطلحت حمير فيما بينهما وملت الحرب ، فأنت خيرهم في السلم ، وأعطاهم للمال.
__________________
(١) ديوان الأعشى ق ٨ / ٤٢ ـ ٤٣ ص ٧٣ من قصيدة قالها يمدح سلامة ذا فائش الحميري (انظر في حواشي الفقرة ٢٤٨).
ـ وقد ورد الشاهد في : المقتضب ٢ / ١٩٦ والنحاس ١٠٤ / أوالأعلم ٢ / ١٧٦ وأوضح المسالك ش ٥٤٦ ج ٣ / ٢٥٧ والأشموني ٣ / ٦٧٤