وبكريه : نثنية بكر ، والبكر من الإبل بمنزلة الفتى من الناس (١). وقوله : يسببني على الظلم : يحتمل أمرين :
أحدهما أنه بمعنى يسبني ، فجعله على يسبّب ، أراد أنه يشتمه وهو ظالم له.
ويجوز أن يريد بهذا ، أنه إذا ابتدأه بفعل القبيح من غير جناية ـ وشكاه وطاف في الناس يسبه ـ أنه يهجوه ويهجو قومه وآباءه ، ويشتم من لم يكن له في فعل معرض ذنب ، فيكون حاملا له على شتم من لم يكن له في هذا الأمر سبب ، وهذا الشتم ظلم.
قال سيبويه (١ / ٣٦٧) في باب الاستثناء المنقطع ، قال الجعدي :
(فتى كملت خيراته غير أنّه |
|
جواد فما يبقي من المال باقيا) (٢) |
__________________
(*) عقب الغندجاني على هذا الشرح لابن السيرافي. فقال :
«قال س : هذا موضع المثل :
يخبطه تارا وتارا يلبطه |
|
كأنما يكرمه أو يسفطه |
تكلم ابن السيرافي على هذا البيت بما يوهم أنه أصاب فيه ، وجاء بمغزى المستفيد. ولقد طاش سهمه ، فإنه لم يذكر معرضا من أي قبيلة هو ، وتركه مجهولا. وذكر أن البكرين هنا تثنية بكر ، وأنه الفتيّ من الإبل.
ومعرض هاهنا رجل من بني الحريش ، أمر رجلين من بني الحريش أن يشتما النابغة ، وهما بكراه. فهذا معنى قوله : إلا كمعرض المحسّر بكريه».
(فرحة الأديب ٥٦ / أ)
(١) ديوان النابغة الجعدي ق ١٢ / ٢٤ ص ١٧٣ من قصيدة قالها في رثاء أخيه وحوح. وجاء في صدره (كملت أخلاقه) وروي البيت في مقطوعة للشاعر في : شرح المرزوقي ق ٣٧٤ / ٣ ج ٣ / ١٠٦٢ وهو للنابغة في : اللسان (وحح) ٣ / ٤٧١