من أجل شتمي لك ، وأنك لا تستطيع أن تقول مثل شعري. والرغم : الإذلال ، ودعوت لهفك : استغثت وتلهفت على ناصر ينصرك فلم تجد.
والفاقرة : ما ينزل به فيكسر فقار صلبه ، والمحارف : جمع محراف (١) وهو الميل الذي تقدر به الشّجة والجرح. يريد أنه كان يهجوه هجاء يجري مجرى ما يكسر فقار صلبه. (كانت فريضة ما تقول) : في (كانت) ضمير الفاقرة. يريد : كانت الفاقرة فريضة ما تقول فيّ من القبيح ، أي جزاء ما تقول ، كما كان الرجم عقوبة الزنا.
وهذا من المقلوب ، جعل الزنا عقوبة الرجم ، وهذا اتساع لأجل الضرورة ، وأنه ليس يقع في الكلام لبس.
والمعنى أنه يقول لسوار (٢) القشيريّ : لو لا الإمام ابن (٣) عفان ـ وأني أخشى عقوبته ـ لعملت بك الفاقرة ، لكنّ معرضا يدور الأحياء يشتمني. ومعرض ليس بسوار ولا مستثنى منه ، فهو استثناء بمعنى لكن. وقوله : المحسّر بكريه : يريد يحسرهما : يحملهما على الإعياء والكلال من شدة سيره وطوفه / في الناس يكذب عليّ ويعين سوّارا.
__________________
(١) انظر الصحاح (حرف) ٤ / ١٣٤٣
(٢) هو الشاعر سوّار بن أوفى بن سبرة القشيري. زوج ليلى الأخيلية. وكان يهاجي النابغة الجعدي (تقدمت ترجمته في حاشية الفقرة ٣٣) وانظر فرحة الأديب ٣٩ / أ
(٣) هو الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، تولى الخلافة سنة ٢٤ ه وقتل عنها سنة ٣٥ ه. انظر الكامل لابن الأثير ٣ / ٤١ و ٩٠ ولكنني أرجح الرواية الأخرى للبيت (لو لا ابن حارثة ..) لأنه لا يعقل أن يكون عثمان هو المقصود وقد ماتت ليلى الأخيلية بعده بخمس وأربعين سنة ، فهل كانت في العاشرة أو ما حولها حين كانت زوجا لسوار ، تتصدى لمهاجاة النابغة ، فتسف ويقذع .. ونحن نعلم أنها ماتت في ساوة في طريقها إلى الري تنتجع قتيبة بن مسلم ، فهي ما تزال إذن في نشاط من السن وقدرته.